تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجماعة لا يدل على وجوبها، بل يدل على عدم الوجوب لأمرين، الأول: أن همه بترك الصلاة وإنابة واحد يصلى بالناس دليل على عدم وجوبها، وإلا فكيف يترك واجبا؟ ولا يقال إنه لو عاد من تحريق البيوت لأمكنه أن يجد جماعة يصلى بهم، لأن وجود جماعة غير مضمون، والثانى أن الجماعة لو كانت واجبة تستحق تحريق بيوت المتخلفين، ما تأخر عن تحريقها معاقبة لهم على المعصية، لكنه لم يفعل فدل ذلك على عدم وجوبها وغايته أنها هامة.&3 - إن أحاديث الهم بالتحريق وردت فى شأن المنافقين لتخلفهم كثيرا عن الفجر والعشاء، وذلك فى رواية أبى هريرة نفسه التى اتفق عليها البخارى ومسلم، فقد جاء فى آخرها (والذى نفسى بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء) والعرق بقية لحم أو عظم عليه لحم، والمرماتان ما بين ظلف الشاة من اللحم. فالحديث منصب على من يكثرون التخلف وبخاصة عن الفجر والعشاء، وهذا دأب الذين فيهم نفاق، جاء فى بعض روايات الشيخين (إن أثقل صلاة على المنافقين هى الفجر والعشاء).&4 - إن الوعيد بتحريق بيوت المتخلفين عن الجماعة يراد به الزجر لا حقيقته لأن الإحراق لا يكون إلا للكفار والإجماع على منع إحراق المسلمين.&5 - إن فريضة الجماعة يراد بها صلاة الجمعة كما جاء عن ابن مسعود فى صحيح مسلم، لكن رد هذا بأن التهديد يجوز أن يكون للتخلف عن الجمعة وعن الصلوات الأخرى وبخاصة الفجر والعشاء.&6 - إن فريضة الجماعة كانت فى أول الأمر لحرص النبى صلى الله عليه وسلم على حضور الناس جميعا معه لتبليغ الوحى وإرشادهم ثم نسخ الوجوب. قال الحافظ ابن حجر: ويدل على النسخ الأحاديث الواردة فى تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، أى المنفرد لأن الأفضلية تقتضى الاشتراك فى أصل التفضيل، ومن لازمه الجواز، هذا بعض ما قيل فى مناقشة أدلة الموجبين، إلى جانب أن الوجوب فيه حرج، والأرض كلها مسجد.

الرأى الثالث: قال الشافعى فى أحد قوليه وجمهور المتقدمين من أصحابه وكثير من المالكية والحنفية:&إن صلاة الجماعة فرض كفاية، يجب على أهل كل محلة أن يقيموها، وإذا أقامها بعضهم سقط الطلب عن الباقين، وكانت فى حقهم سنة - وذلك لإظهار شعيرة الإسلام بإجابة المؤذن وإقامة الصلاة، وسند هذا القول ما ورد من الأحاديث المؤكدة لفضلها والمحذرة من تركها، ويوضحه أو يبين حكمته ما قاله ابن مسعود-كما رواه مسلم -: ولو أنكم صليتم فى بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وفى رواية أبى داود لكفرتم. والمراد بسنة النبى دينه وطريقته لا السنة بمعنى المندوب، فإن ترك المندوب لا يؤدى إلى الكفر والضلال.

وهذا الرأى الثالث له وجاهته وهو كون الجماعة فرض كفاية على المجموع يسقط بأداء بعضهم، وسنة مؤكدة فى حق الجميع أى فى حق كل واحد على حدة. وأداء الجماعة فى المسجد أفضل من أدائها فى البيت أو السوق بنص حديث البخارى ومسلم " صلاة الرجل فى جماعة تفضل صلاته فى بيته وفى سوقه خمسا وعشرين درجة، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد فإذا دخل المسجد كان فى صلاة ما كانت تحبسه، وما تزال الملائكة نصلى عليه ما دام فى مجلسه الذى صلى فيه، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يحدث فيه ".&وقد رأى جماعة أن من له زوجة أو أولاد يصلى بهم فى بيته ولو تركهم وصلى فى المسجد مع الناس لتركوا الصلاة فإن صلاته جماعة بهم أفضل من تركهم وصلاته فى المسجد ما دام هناك من يقيم صلاة الجماعة فيه غيره، وأما حديث " لا صلاة لجار المسجد إلا فى المسجد " فليس بصحيح، ولو صح لكان المراد به نفى الكمال لا تفى صحة الصلاة - ذكره المناوى فى " فيض القدير " على " الجامع الصغير" للسيوطى.&وكان المسلمون الأولون حريصين على صلاة الجماعة وإقامتها فى المسجد مضاعفة الثواب، حتى إن الرجل منهم كان يؤتى به يهادى بين الرجلين -أى يسندانه -حتى يقام فى الصف كما رواه مسلم عن ابن مسعود.&وقد اخترنا الرأى الثالث جمعا بين الأحاديث التى يشعر ظاهرها بالوجوب وبين الأحاديث التى تدل على الندب لما فيها من الفضل، والجمع بين الأحاديث أفضل من إهدار بعضها.&وهذا كله فى حق الرجال أما صلاة الجماعة للنساء فى المسجد فليست واجبة ولا مندوبة، لأن صلاة المرأة فى بيتها أفضل، كما نصت على ذلك الأحاديث المقبولة، ولو صلت فى بيتها جماعة كان أفضل على ألا تكون إماما لرجل.&ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى تفسير القرطبى "ج 1 ص 348 " والمغنى لابن قدامة ج 2 ص 2.&

ـ[جمانة السلفية]ــــــــ[06 - 04 - 06, 03:12 م]ـ

جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم على ما بينتم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير