الفرس. وأتى بأسباب أخرى تؤكد أنّ هذين الكتابين موضوعان أو ملفّقان " انتهى من حاشية الأستاذ حسن سويدان في كتابه المفيد " أبو الهدى الصيادي في آثار معاصريه ".
وقد يسأل سائل: ما غرض الصيادي من تزوير مثل هذه الكتب؟
والجواب: إنّ أبا الهدى الصيّادي لمّا ادّعى النسب إلى الشيخ الرّفاعي، أنكر عليه هذا النسب بعض أهل العلم ونقباء الأشراف، ومنهم نقيب أشراف بغداد. فكما ذكرتُ آنفاً فإن الشيخ الرفاعي ليس له أولاد ولا ذرية، فكيف ينسب الصيادي نفسه إليه؟
والأمر الثاني أنّ كلّ من ترجم للشيخ أحمد الرفاعي من الأئمة لم يذكر أن الرفاعي ينتسب للبيت العلوي الشريف وهذا معلوم عند نقباء الأشراف، وكما هو معلوم أن ابن خلكان والذهبي وأمثالهما عندما يترجمون لشخص من آل البيت فإنهم يبيّنون ذلك من أوّل الترجمة فيذكرون هل هو حسنيّ أم حسينيّ ثمّ في أثناء الترجمة يذكرون نسبه كاملاً، فكيف إذا كان المترجم شخصاً مشهوراً وعظيماً في زمانه فإنّ التعريف بنسبه من باب أولى، وهذا لم يحدث في ترجمة الرفاعي عند كل من ترجم له من المتقدّمين، بل يذكرون أنه من قبيلة بني رفاعة من العرب فقط.
ولكن الصيادي لمّا ادعى النسب للرفاعي وكان الرفاعي غير منسوب ـ وهذا لا يقلل من قدره، وقد حاول المغالون من أتباع الرفاعي في العصور المتأخّرة أن ينسبوه لآل البيت في كتبهم ولكنّ ذلك لم يكن له اعتبار عند العلماء ونقباء الأشراف ـ أراد الصيادي أن يوهم الناس بأنّ الرفاعي منسوب لآل البيت، فاخترع هذه القصة، حيث قال في أوّلها إنّ الرفاعي لمّا وصل إلى المدينة وقف تجاه القبر الشريف وقال: السلام عليك يا جدّي، فردّ عليه النبي صلى الله عليه وسلّم: وعليك السلام يا ولدي!!
ثمّ اخترع قصّة ثانية ليدعم كذبته، فزعمَ أنّ الرفاعي لمّا حجّ مرّة ثانية وزار قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، وقفَ تجاه القبر وقال:
إن قيل زرتم بما رجعتم يا أشرف الرسل ما نقول؟
فجاءه الجواب من القبر الشريف بصوتٍ سمعه كلّ من في المسجد:
قولوا رجعنا بكل خيرٍ واجتمع الفروع والأصول
وكما هو ملاحظ في القصّتين المخترعتين أنّ الصيّادي يريد فيهما التأكيد على مسألة إنتساب الرفاعي لآل البيت، ففي القصة الأولى قال: السلام عليك ياجدّي فقال له وعليك السلام يا ولدي، وفي القصّة الثانية قال: واجتمع الفروع والأصول! وكلُّ ذلك في سياقٍ سمجٍ وبارد، فكلّنا يعلم قول الله تعالى في نبيّنا محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم في سورة يس: {وما علّمناه الشعر وما ينبغي له}
ولكنّ الصيّادي أعماه كذبه عنها فنسب هذا البيت من الشعر للنبي صلى الله عليه وسلّم لتستقيم قصّته المفتراة، وانظر إليه كيف قدّم الفروع على الأصول! لكي لا تختلّ القافية!!
فلمّا أنكر نقيب الأشراف في بغداد، وهو من ذريّة الشيخ عبد القادر الجيلاني، على الصيادي انتسابه لآل البيت، أراد الصيّادي أن يقلب المسألة عليه فألّف رسالة شكك فيها بنسب الشيخ عبد القادر الجيلاني، وقال فيها: كيف يكون من آل البيت وأبوه اسمه جنكي بن دوست؟!
ولكي يكون للرسالة وزن وقبول نسبها لابن الساعي وهو منها براء.
وهذا الفعلُ منه شنيع، كيف يطعن في الأنساب وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك فقال: ((ثنتان في الناس هما بهم كفر، الطعن في الأنساب والنّياحة على الميّت)) رواه مسلم، نسأل الله العافية والسّلامة.
ولمّا أطلعت أحد مشايخي على ما وصلتُ إليه من بطلان قصة مد اليد للرفاعي، وكذلك بطلان نسبة رسالة الشرف المحتم للسيوطي، أخرج لي كتاباً للشيخ عبد الله الغماري الحسني ـ المرجع الصوفي الكبير في عصرنا ـ بعنوان " النقد المبرم لرسالة الشرف المحتم " يثبت فيه بطلان كرامة مد اليد، وكذلك بطلان نسبة رسالة الشرف المحتم للسيوطي، وقد استوفى الشيخ الغماري المسألة من جميع وجوهها، وذكرَ موافقة أخيه، أبي الفيض أحمد الغماري المحدّث المعروف، له في بطلان هذه القصة، وكلاهما من كبار مرجعيات الصوفية كما لا يخفى.
وقد كنت أبحث فيما مضى عمن خرج هذه القصة بالأسلوب العلمي لنقلة الحديث، فأضناني البحث، ثم وجدت من خرّج هذه القصة، ففي كتاب (عقيدتنا سفينة النجاة). /صفحة ـ82/ وبعد أن روت الكاتبة: شفاء روحي صافي ـ وهي من الأحباش ـ قصة خروج اليد من القبر، قالت: ذكرها الإمام البيهقي.
ولكي يظهر لكم مدى الكذب، أفيدكم بأن البيهقي، قد مات قبل ولادة الشيخ أحمد الرفاعي، بأكثر من أربعين عاماً.
منقول للفائدة من شبكة المجهر
http://www.almijhar.net/refaie.htm
ـ[أبو عمر]ــــــــ[22 - 03 - 06, 11:06 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[عمر التميمي]ــــــــ[23 - 03 - 06, 03:10 ص]ـ
جزاك الله خيرا
وبارك فيك
ـ[حذافة]ــــــــ[23 - 03 - 06, 07:17 ص]ـ
جزاك الله كل خير على هذا النقل المفيد
وبارك الله بالأخوة القائمين على موقع المجهر الذين أتحفوا طلبة العلم بتفنيد مسائل خلاف بأوضح عبارة وأظهر دلالة.