تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجاء في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي: (قَوْلُهُ: " عَلَى خِوَانٍ " بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَيُضَمُّ أَيْ مَائِدَةٍ. قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ: الْخِوَانُ الَّذِي يُؤْكَلُ عَلَيْهِ مُعَرَّبٌ , وَالأكْلُ عَلَيْهِ لَمْ يَزَلْ مِنْ دَأْبِ الْمُتْرَفِينَ وَصَنِيعِ الْجَبَّارِينَ لِئَلا يَفْتَقِرُوا إِلَى التَّطَأْطُؤِ عِنْدَ الأكْلِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ) أهـ. وجاء في عون المعبود شرح سنن أبي داود: (فَالْخُوَان يَكُون مِنْ خَشَب وَتَكُون تَحْته قَوَائِم مِنْ كُلّ جَانِب وَالأكْل عَلَيْهِ مِنْ دَأْب الْمُتْرَفِينَ لِئَلا يُفْتَقَر إِلَى التَّطَأْطُؤ وَالانْحِنَاء) أهـ. [ويلحق بالبوفيهات في هذا ما بدا يظهر من وضع صحون الأرز مع اللحم على "الطاولات"]

4 - من مساوئ هذه البوفيهات عدم الاجتماع على الطعام فكل إنسان يختص بطعامه، وفي الاجتماع على الطعام من الأنس و اجتماع القلوب و حضور البركة مالا يكون في التفرق، قال ابن كثير في تفسيره: ( ... الأكل مع الجماعة أبرك وأفضل كما روى الإمام أحمد عن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إنا نأكل ولا نشبع قال:" لعلكم تأكلون متفرقين اجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه" ورواه أبو داود وابن ماجة [وحسنه الألباني، انظر الصحيحة: 664]) أهـ. ومن الأحاديث التي صححها الشيخ الألباني [الصحيحة:895]:" أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي"، [2691]:" كلوا جميعا و لا تتفرقوا .. ".

5 - ومن المساوئ أنك ترى الناس متفرقين في أماكنهم،و مختلفين في بداية الأكل وانتهائه،قال ابن مفلح: (فَصْلٌ فِي انْتِظَارِ الآكِلِينَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا حَتَّى تُرْفَعَ الْمَائِدَةُ) اهـ، قال ابن عبد القوي في منظومته: و يكره سبق القوم للأكل نهمة ... ، وجاء في الحديث عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا لَمْ نَضَعْ أَيْدِيَنَا حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمفَيَضَعَ يَدَهُ "رواه مسلم، قال النووي رحمه الله تعالى في شرحه على هذا الحديث: (قَوْله: " لَمْ نَضَع أَيْدِينَا حَتَّى يَبْدَأ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم " فِيهِ بَيَان هَذَا الأدَب, وَهُوَ أَنَّهُ يَبْدَأ الْكَبِير وَالْفَاضِل فِي غَسْل الْيَد لِلطَّعَامِ وَفِي الأكْل) اهـ. وهذا الأدب يكاد يكون معدوما مع هذه البوفيهات.

6 - ومن مساوئها منع اصطحاب الأطفال، حتى أصبح من المعتاد أن تقرأ في بطاقة الدعوة: (يمنع اصطحاب الأطفال) و هل يكتمل السرور و يزدان الفرح إلا بوجودهم، وبسبب هذا ترى أم الطفل بين نارين إما الحضور وعليها حينها البحث على من يكفل أطفالها وقت الحفل، أو عدم إجابة الدعوة من أجل حفظ أطفالها. ويضاف على هذه السيئة تعين المدعوين و خاصة في جانب النساء فترى المدعوة للحفل يأتيها بطاقة باسمها ولا تدخل لمكان الحفل إلا بهذه البطاقة، وعادةً تدعى الأم ليس غير، وأحيانا يدعى معها البنت الكبرى، مع أنه أحيانا يكون في البيت ممن لم يدعَ من يحب إجابة الدعوة لأن القرابة و العلاقة واحدة.

7 - ومن مساوئها تنوع الطعام حتى أنك ترى أكثر من عشرة أصناف و هذا نوع من السرف والترف، قال الله تعالى {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" كُلُوا وَاشْرَبُوا , وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إسْرَافٍ وَلا مَخِيلَةٍ جاء في سبل السلام: (وَعَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مَلأ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ " وَأَخْرَجَهُ ابْن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَتَمَامُهُ " فَحَسْبُ ابْنُ آدَمَ أَكَلاتٍ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ فَاعِلا لا مَحَالَةَ " وَفِي لَفْظِ ابْنِ مَاجَهْ: "فَإِنْ غَلَبَتْ ابْنَ آدَمَ نَفْسُهُ فَثُلُثًا لِطَعَامِهِ , وَثُلُثًا لِشَرَابِهِ , وَثُلُثًا لِنَفَسِهِ", وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى ذَمِّ التَّوَسُّعِ فِي الْمَأْكُولِ وَالشِّبَعِ وَالامْتِلاءِ , وَالإخْبَارُ عَنْهُ بِأَنَّهُ شَرٌّ ; .... وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: أَوَّلُ بِدْعَةٍ حَدَثَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الشِّبَعُ إنَّ الْقَوْمَ لَمَّا شَبِعَتْ بُطُونَهُمْ جَمَحَتْ بِهِمْ نُفُوسُهُمْ إلَى الدُّنْيَا) أهـ.

فالتلذذ بالطيبات و التمتع بها بالدنيا من عادات الكافرين قال تعالى عنهم: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ} ومن صفات أصحاب الشمال قال الله تعالى عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ}.وتنويع الطعام يدخل في المباهات فيحصل التكاثر المنهي عنه بين الناس: قال تعالى: "الهاكم التكاثر"

هذا و الله أعلم و صلى الله وسلم على نبينا محمد و على آله و صحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين 29/ 5/1426هـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير