تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا يوجد فيما أعلم نص صحيح في ذلك. لكن يمكن أن يجتهد في تحديد الموعد التقريبي استئناسا بقول الله تعالى:} ثم سواه ونفخ فيه من روحه

(السجدة 9) حيث يمكن أن يفهم منه أن الروح تنفخ في الجنين بعد التسوية، وبما أن التسوية تأتي بعد الخلق مباشرة لقوله تعالى:} الذي خَلَقك فَسوّاك فعدلك

(الإنفطار 7). فيمكن القول بأن الروح تنفخ في الجنين بعد مرحلة الخلق أي بعد الأسبوع الثامن من عمره أي في مرحلة النشأة خلقا آخر؛ وهو استنتاج معظم المفسرين الذين قالوا إن طور النشأة خلقا آخر هو الطور الجنيني الذي تنفخ فيه الروح والتي لا يكون إلا بعد طوري العظام وكسائه باللحم كما نصت الآية الكريمة. ويعضد ذلك حرف (ثم) الذي يفيد التراخي في حدوث الفعل حينما ذكر مع نفح الروح في حديث جمع الخلق حيث ورد (ثم ينفخ فيه الروح كما في البخاري أو ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح كما في مسلم) وحيث أنه لا ينتهي الأسبوع الثامن إلا وجميع الأجهزة الرئيسة قد تخلقت وانتهى طور المضغة في الأربعين يوما الأولى من عمر الجنين وتميزت الصورة الإنسانية وسوى خلق الإنسان خلال هذه الفترة أو بعدها بقليل؛ فعليه يمكن للروح أن تنفخ في الجنين بعد انتهاء عملية الخلق في الأسبوع التاسع أو العاشر أو بعد تميز الأعضاء التناسلية في الأسبوع الثاني عشر أو بعد ذلك! والله أعلم.

http://www.nooran.org/O/Oimages/29/1-3.gif

شكل رقم (3)

http://www.nooran.org/O/Oimages/29/1-4.gif

شكل رقم (4) جنين عمره 16 أسبوعاً (112) يوماً

لكن هل توجد علامات تدل على أن الجنين قد نفخت فيه الروح؟

يمكن أن تكون الحركات الإرادية دليلا على وجود الروح. وقد أشار لذلك ابن القيم في وصفه الجنين قبل وبعد نفخ الروح فقال: كانت فيه حركة النمو والاغتذاء كالنبات، ولم تكن حركة نموه واغتذاءه بالإرادة، فلما نفخت فيه الروح انضمت حركة حسيته وإرادته إلى حركة نموه واغتذائه. وقد أثبتت الأجهزة الحديثة رؤية حركات جسم الجنين في وقت مبكر؛ حيث يمكن أن تصور عند الأسبوع الثامن أو عندما يبلغ كيس الحمل 3سم أو يبلغ طول الجنين حوالي 15 مم. كما يمكن أن ترى الحركات الجنينية التي تعبر عن حيوية الجنين مثل حركات التنفس وحركات الأطراف العليا وضربات القلب وحركات عدسة العين والبلع وحركات الأمعاء الدودية. كما رصدت الحركات التي تعبر عن نشاط الجنين fetal activity مثل البلع وحركة اليد إلى الفم والمضغ وحركات اللسان و حركة اليد إلى الوجه و مص الأصابع؛ والتي يمكن أن ترى عند الأسبوع السادس عشر؛ أي قبل مائة وعشرين يوما فتأمل! وتعتبر هذه الحركات انعكاس غير مباشر لحالة الجهاز العصبي المركزي؛ فكلما كانت هذه الحركات موجودة ومتوازنة، كلما كانت حالة الجهاز العصبي نشطة وسليمة. وهكذا أثبت علماء الأجنة بهذه الأجهزة الدقيقة هذه الحقائق التي تؤكد في مجملها أن أطوار الجنين الأولى من النطفة والعلقة والمضغة، تحدث كلها خلال الأربعين يوما الأولى، ويجمع في كل منها خلق أعضاء الجنين وأجهزته في صورته الابتدائية خلال الأربعين يوما الأولى من عمره، وأن حركات الجنين الإرادية وبدء عمل وظائف أعضاء الجنين الرئيسية تحدث في الأربعين يوما الثانية من عمره. وعليه فالقول بأن مدة الأطوار الأولى للجنين من النطفة والعلقة والمضغة مائة وعشرين يوما؛ قول غير صحيح مناقض للحقائق العلمية بكل وضوح. وبناء على كل ما سبق يمكننا القول بأن الجزم بعدم نفخ الروح إلا بعد أربعة أشهر قول ليس عليه دليل قطعي من النصوص الشرعية، بل مبني على فهم لحديث ظني الدلالة هو: رواية الإمام البخاري لحديث ابن مسعود ثم جاءت حقائق علم الأجنة الحديث معارضة لمفهوم هذه الرواية ومؤيدة لرواية أخرى لنفس الحديث ونفس الراوي رواها الإمام مسلم بزيادة بسيطة في المتن بينت القضية بوضوح لا لبس فيه وهذا يبطل الاحتجاج برواية البخاري في تحديد زمن أطوار الجنين الأولى. وبالتالي يبطل الاحتجاج بالجزم بعدم نفخ الروح في الجنين قبل أربعة أشهر. وعليه فإمكانية نفخ الروح في الأجنة قائمة في أي وقت بعد الأربعين يوما الأولى؛ في نهاية الأسبوع السابع، أو الثامن، أو التاسع، أو حتى بعد أربعة أشهر وإن كان الراجح من النصوص أن الروح تنفخ بعد الأسبوع الثامن من التلقيح لدلالة النصوص الصريحة والصحيحة على ذلك. ولعدم وجود حديث واحد صحيح أو حسن، يصرح بأن الروح لا تنفخ في الجنين إلا بعد أربعة أشهر. ومما يؤكد ذلك الحقائق العلمية الثابتة في علم الأجنة ومن أهمها رؤية مراحل الجنين المختلفة منذ بداية تكونه، واكتمال خلقه وتصويره وقيام معظم أجهزته بوظائفها ورصد حركته الذاتية و أنشطته البدنية قبل أربعة أشهر على وجه القطع. وينبني على ذلك حرمة الإجهاض بعد الأربعين؛ لأن الإجهاض محرم عند جمهور الفقهاء بعد نفخ الروح، ونفخ الروح يكون بعد طور المضغة، وطور المضغة يبدأ ويكتمل وينتهي خلال الأربعين يوما الأولى بيقين؛ فعليه يرجح القول بحرمة الإجهاض بعد الأربعين يوما الأولى من بداية تلقيح البييضة وتكون النطفة الأمشاج. وتشتد الحرمة بعد مرحلة التخليق، أي بعد ثمانية أسابيع، وهي أشد بعد الشهر الثالث أو الرابع. والله أعلم.

http://www.nooran.org/O/29/29-1.htm

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير