ولم أعرف من هو، لأن جميع من روواه عن حيوة رووه بذكر الوليد بن قيس كما في رواية ابن وهب وابن المبارك، ثم إن أبا عبدالرحمن عبدالله بن يزيد المقري، رواه هكذا بالشك، كما في جميع الروايات عنه غير رواية إبراهيم هذا، فقد خالفه حبان بن موسى عنه عند ابن حبان، وزهير عنه عندي أبي يعلى، و حسام بن الصديق عنه عند الحاكم، والدارمي في سننه، بل الإمام أحمد في زيادات المسند، فتبين بذلك أن ذكر دراج خطأ من إبراهيم في الرواية ولعل السبب هو أن جل مرويات أبي الهيثم عن أبي سعيد أخذت من طريقه حتى قال أبونعيم:"لا أعلم له راوياً إلاّ دراج" (الحلية 10/ 171).
الخلاصة رواية البيهقي عن سالم عن دراج خطأ من إبراهيم والله أعلم.
أما ما يظهر للمتأمل في شك سالم بن غيلان هو ماذكره المباركفوري:
قال المباركفوري في التحفة 7/ 64: " والحاصل أنه وقع الشك لسالم بن غيلان في أن الوليد بن قيس حدثه عن أبي سعيد بلا واسطة أو حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد".
والصواب في هذا الشك –والله أعلم- أن سالم رواه عن الوليد عن أبي سعيد، ومن أسباب القول بذلك:
1 - سالم لا تعرف له رواية عن أبي الهيثم إلاّ من طريق دراج -وفيها مقال- فَشَكُ سالم هل الرواية من طريق الوليد بن قيس عن أبي الهيثم، أو الوليد بن قيس عن أبي سعيد مباشرة كما قال المباركفوري. ولم يشك في أنها من طريق أبي الهيثم عن أبي سعيد، فهو لم يرو عن أبي الهيثم مباشرة وإنما يعلم أنه يروي عنه بواسطة وهو دراج، ولكن قد يقع الشك منه في رواية غيره -أعني الوليد فلا يدري أيروي عن أبي الهيثم أم لا- وهذا أقرب.
2 - لم يذكر أئمة الشأن رواية للوليد بن قيس عن أبي الهيثم غير هذه المحتملة، ولأنه أعني الوليد يروي عن أبي سعيد بغير واسطة- كما في حديث الإمام أحمد: ثم يكون خلف بعد ستين سنة .. الحديث في المسند 3/ 38 وغيره وله عن أبي سعيد غيره- بَعُد أن يحتاج لأبي الهيثم فيروي عن أبي سعيد من طريقه.
3 - ثبتت رواية سالم عن الوليد عن أبي سعيد، بغير واسطة، ولهذا قال ابن حبان في الثقات 6/ 409: "سالم بن غيلان من أهل مصر يروى عن الوليد بن قيس عن أبى سعيد الخدري" وقد الوليد بأنه سمع من أبي سعيد غير حديث، وعلى هذا يكون سالم إنما تحمل الحديث عن الوليد بن قيس عن أبي سعيد، لا عن الوليد بن قيس عن أبي الهيثم ولهذا رواها ابن حبان في صحيحه بالطريق الأول بدون ذكر أبي الهيثم، وفي صنيعه هذا إشارة لما ذُكر من أن الصواب فيما شك فيه سالم بن غيلان هو مارواه عن الوليد عن أبي سعيد ليس غير، ومثله صنيع الهيثمي في موارد الظمآن في المواضع الثلاث التي أخرج فيها الحديث، والله أعلم.
- ويكون ما رواه الطبراني في الأوسط 3/ 277 من حديث بكر قال نا عبدالله بن يوسف قال نا ابن لهيعة قال نا سالم بن غيلان عن الوليد بن قيس عن أبي الهيثم محل إشكال ولعله وهم من ابن لهيعة أو من بعده، فلا يقدم على ما رواه حيوة. ولو صح –وهو بعيد- أن الرواية من طريق الوليد عن أبي الهيثم عن أبي سعيد لكنه أسقط في باقي الأسانيد فأبوالهيثم ثقة.
ثم يبقى الكلام في سالم بن غيلان وفي الوليد بن قيس التجيبيان
أما سالم بن غيلان: فالذي يظهر أنه صدوق كما قال الذهبي في الكاشف (1/ 423)، وقد وثقه العجلي (معرفة الثقات 1/ 383) وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 409)، وقال الدارقطني: متروك (المغني في الضعفاء 1/ 251)، ونُقل عن أحمد (الجرح والتعديل 4/ 187) وأبي داود والنسائي أنه لا بأس به (ميزان الاعتدال 3/ 167 وانظر تهذيب التهذيب 3/ 183). أما ما قاله ابن حزم عنه في المحلى 11/ 267: "مجهول لم يعدل" فالذي يظهر بعده وخلافه.
أما الوليد بن قيس التجيبي: فقد روى عنه الثقات كيزيد بن أبي حبيب وبشير بن أبي عمرو الخولاني (انظر الجرح والتعديل 9/ 13)، وروى عنه غيرهم، قال في معرفة الثقات 2/ 342: "مصري تابعي ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات 5/ 491، وقال الذهبي في الكاشف 2/ 354: "وثق"، قال ابن حجر في التقريب 1/ 583: "مقبول".
وخلاصة البحث، ما يبدو في حكم الحديث: أنه حديث حسن
رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال النووي في رياض الصالحين: رواه أبوداود والترمذي بإسناد لا بأس به، وهذا ما يظهر من كلام بعض أهل العلم فيه فقد أشار إليه ابن كثير في التفسير وحمله على الندب 2/ 21، وكذلك الخطابي في العزلة وحمله على طعام الدعوة دون طعام الحاجة ونقله في عون المعبود 13/ 123.
والله أعلم.
ـ[ابن أبي شيبة]ــــــــ[10 - 12 - 02, 10:03 م]ـ
إخواني الأفاضل المشاركين في هذا الحوار العلمي الهادف أحب أن اداخلكم في مسألة الحكم على سالم بن غيلان التجيبي
فقول الدار قطني المذكور في الميزان أنه متروك، وقد ذكره البرقاني عن الدار قطني ـ لكن للأسف هذا الكتاب من سؤالات الدار قطني هو الوحيد الذي ليس عندي ـ فهل ما ذكره البرقاني في كتابه فيه الاسم منسوبا إلى تجيب أي تجيبي أم هكذا فقط سالم بن غيلان، فإن يكن هكذا فقط سالم بن غيلان، فلعله اختلط هذا الراوي بآخر اسمه سالم بن عبد الأعلى ويقال بن غيلان وقد تركه غير واحد من الحفاظ، بل قد ذكره الدار قطني في كتابه الضعفاء والمتروكين رقم: 259
وقد قال البرقاني في مقدمة هذا الكتاب ـ لأنه راوي هذا الكتاب ـ:
طالت محاورتي مع أبي منصور إبراهيم بن الحسين بن حمكان لأبي الحسن على بن عمر الدار قطني عفا الله عني وعنهما في المتروكين من أصحاب الحديث فتقرر بيننا وبينه على ترك من أثبته على حروف المعجم في هذه الورقات ثم ذكر هذا الرجل في هذا الكتاب، ولم يذكر سالم بن غيلان التجيبي فهذا معناه أنه ليس متروكا عنده.
ولعله لهذا السبب لم يأخذ الحافظان الذهبي وابن حجر بقوله ها هنا أنه متروك وكذلك ابن حبان والحاكم حيث صححا حديثه، والله أعلم
¥