تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في ذلك حديث علي رضي الله تعالى عنه:" أن فاطمة عليهما السلام أتت النبي ? تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى وبلغها أنه جاءه رقيق فلم تصادفه فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته عائشة قال فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال على مكانكما فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدميه على بطني فقال ألا أدلكما على خير مما سألتما إذا أخذتما مضاجعكما أو أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين فهو خير لكما من خادم" فهذه فاطمة رضي الله تعالى بنت رسول رب العالمين إلى الإنس والجن أجمعين كانت تخدم في بيت زوجها وتدير الرحى وتطحن الحبوب وغير ذلك من الأمور حتى أثر ذلك في يدها وجاءت تشكو إلى أبيها ما تلقى من ذلك فلم يقل لها وهو المبلغ عن ربه الشرع: إنه ليس عليك أن تقومي بخدمة البيت، وأن على زوجك أن يدبر لك ذلك، بل دلهما على ما يعينها على عملها ويكون خيرا من الخادم، مع كمال شفقته على ابنته ورحمته بها وهو القائل-بأبي هو وأمي-عن فاطمة رضي الله تعالى عنها وأرضاها:" فإنما هي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها " فلو كان لا يجب عليها ذلك لأعلمها به، وقد كان قيام المرأة على شئون البيت أمرا مشهورا معمولا به في زمن الرسول ? بلا نكير حتى إن هذه الخدمة كانت تحدث أحيانا من المرأة في ليلة عرسها وهي الليلة التي تكون فيها العروس بمثابة الملكة التي تخدم من كل جانب ومع ذلك فإن منهن من كانت تقوم بالخدمة في تلك الليلة فعن سهل قال:" لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي ? وأصحابه فما صنع لهم طعاما ولا قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد بلَّت تمرات في تور من حجارة من الليل فلما فرغ النبي ? من الطعام أماثته له فسقته تتحفه بذلك" وفي رواية مسلم رحمه الله تعالى:" دعا أبو أسيد الساعدي رسول الله ? في عرسه فكانت امرأته يومئذ خادمهم وهي العروس .. "الحديث قال ابن حجر رحمه الله تعالى:" وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه ولا يخفى أن محل ذلك عند أمن الفتنة ومراعاة ما يجب عليها من الستر وجواز استخدام امرأته في ذلك" وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت:" تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن ولم أكن أحسن أخبز وكان يخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله ? على رأسي وهي مني على ثلثي فرسخ فجئت يوما والنوى على رأسي فلقيت رسول الله ? ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال إخ إخ ليحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس فعرف رسول الله ? أني قد استحييت فمضى ... "الحديث فانظر إلى هذه الأعمال الشاقة التي قد تجهد بعض الرجال، وكانت تقوم بها أسماء زوج الزبير وقد كان الرسول ? يعلم بذلك ويقره ولا يعترض عليه وكذلك أبو بكر رضي الله تعالى عنه والد أسماء، ولو لم تكن الخدمة واجبة عليها لسعى في عدم قيام ابنته بذلك لاسيما أن الأعمال التي كانت تقوم بها شاقة وقد عبرت أسماء نفسها عن ذلك بقولها:"كنت أخدم الزبير خدمة البيت وكان له فرس وكنت أسوسه فلم يكن من الخدمة شيء أشد علي من سياسة الفرس كنت أحتش له وأقوم عليه وأسوسه .. "الحديث وقالت:" حتى أرسل إليَّ أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني"، ولا شك أن كل أب يحب راحة ابنته لما جعل الله في قلوب الآباء والأمهات من الرأفة والرحمة بهن، فلو كان ثمَّ سبيل إلى منعها من القيام بتلك الأعمال الشاقة لمنعها من ذلك، وكان أقصى ما عمله من ذلك أنه أعطاها من ماله خادما تكفيها سياسة الفرس، قال ابن حجر رحمه الله تعالى:" واستدل بهذه القصة على أن على المرأة القيام بجميع ما يحتاج إليه زوجها من الخدمة وإليه ذهب أبو ثور وحمله الباقون على أنها تطوعت بذلك ولم يكن لازما أشار إليه المهلب وغيره، والذي يظهر أن هذه الواقعة وأمثالها كانت في حال ضرورة كما تقدم فلا يطرد الحكم في غيرها ممن لم يكن في مثل حالهم وقد تقدم أن فاطمة سيدة نساء العالمين شكت ما تلقى يداها من الرحى وسألت أباها خادما فدلها على خير من ذلك وهو ذكر الله تعالى والذي يترجح حمل الأمر في ذلك على عوائد البلاد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير