إليهم شيئا من الزكوات أو من التطوعات فهو عاص بذلك، ثم يلحقه بذلك من الله العقوبة إن شاء، ويجب على كل من يقدر على الإنكار أن ينكر عليهم، وإثمهم متعلق بالحكام الذين جعلهم الله تعالى في مناصبهم لإظهار الحق وقمع الباطل وإماتة ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بإماتته، والله أعلم".
- وقال في شروط العامل على الزكاة: " وأن يكون أمينا حرا لأنها ولاية، فلا يجوز أن يكون العامل مملوكا ولا فاسقا كشربه الخمر والمسكة وأعوان الظلمة، قاتل الله من أهدر دين الله الذي شرعه لنفسه وأرسل به رسوله وأنزل به كتابه.
ويشترط أن يكون مسلماً لقوله تعالى:"لا تتخذوا بطانة من دونكم" وقال عمر رضي الله عنه:"لا تأمنوهم وقد خونهم الله ولا تقربوهم وقد أبعدهم الله". وقد ذكرت تتمة كلام عمر وما سببه في كتابي "قمع النفوس" وهو ما لا يستغنى عنه.
وقال الماوردي: "إذا عين له الإمام شيئاً يأخذه" ولم يشترط الإسلام قال النووي: "وفي ذلك نظر"
قلت: وما قاله الماوردي ضعيف جداً ولم يذكره فيما أعلم غيره وكيف يقول بذلك حتى يكون للكافر على المسلم سبيل؟ وقد قال الله تعالى:"ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا" لا سيما في زماننا هذا الفاسد، وقد رأيت بعض الظلمة قد سلط بعض أهل الذمة على أخذ شيء بالباطل من مسلم، فأوقفه موقف الذلة والصغار فالصواب الجزم بعدم جواز ذلك، ولا خلاف أن ما يصنعه هؤلاء الأمراء من ترتيب ديوان ذمي على أقطاعه ليضبط له ماله ويتسلط على الفلاحين وغيرهم؛ أنه لا يجوز ... ".
- وقال في الذين لا يجوز دفع الزكاة لهم:" فلا يعطى هؤلاء الحرافشة، ولا أهل البطالات من المتصوفة، كمن بسط له جلداً في زاوية الجامع ولبس مرطاً دلس به على الأغنياء من أهل الدنيا، الذين لا حظ لهم في العلم، يعطون بجهالتهم من لا يستحق ويذرون المستحق، والله أعلم".
- وقال في باب مستحبات الصوم:" قلت: ومن المصائب العظيمة ما يصنعه الظلمة من تقليد الظالم وأخذ الأموال بالباطل، ثم يصنعون بذلك شيئا من الأطعمة يتصدقون به، فيتعدى شؤمهم إلى الفقراء، وأعظم من ذلك مصيبة تردد فقهاء السوء وصوفية الرجس إلى أسمطة هؤلاء الظلمة، ثم يقولون: هو يشترى في الذمة!! وأيضا: تركه معاملة من أكثر ماله حرام.والذي في شرح مسلم: أنه حرام.وفرض المسألة في جائزة الأمراء، ولا فرق في المعنى فاعرفه.
ولا يعلم هؤلاء الحمقى أن في ذلك إغراء على تعاطي المحرمات، ويتضمن مجالسة الفسقة، وهي حرام على وجه المؤانسة بلا خلاف، وقد عدها جمع من العلماء من الكبائر، ونسبه القاضي عياض إلى المحققين، وهم على ارتكاب ذلك لا ينهونهم عن منكر، وذلك سبب إرسال المصائب على الأمم، بل سبب هلاكهم ولعنهم على لسان الأنبياء، وقد نص على ذلك القرآن العظيم، ولهذا تتمة مهمة في كتابنا:" قمع النفوس" والله أعلم ".
- وقال في باب الدماء الواجبة في الإحرام: " تنبيه: كثير من المتفقهة وغالب المتصوفة، وجل العوام، يعتقدون أن عرفات يجوز الذبح بها، فيذبحون دم الحيوانات بها، وكذا دم التمتع والقرآن،ثم ينقلون اللحم إلى الحرم، وهذا الذبح غير جائز، فلا يجزي، فليعلم ذلك والله أعلم".
- وقال في شرح قول الماتن:" ولا يصح بيع ما لا منفعة فيه": "وفي معنى هذه السباع التي لا تصلح للاصطياد والقتال عليها كالأسد والذئب والنمر، ولا نظر إلى اعتناء الملوك السلفة المشتغلين باللهو بها، وكذا لا يجوز بيع السموم، ولا نظر إلى دسه في طعام للكفار، وأما ما يفعله الملوك في دس طعام المسلمين فهو من الأفعال الخبيثة، قال الله تعالى:"ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها" الآية".
- وقال في باب الحجر: " وأما الحكام فشرطهم العدالة بلا نزاع فلا يلي قضاة الرشا أموال المذكورين، ومن قدر على مال يتيم وجب عليه حفظه بطريقة، فلو دفعه إلى قاض من هؤلاء قضاة الرشا الذين قد تحقق منهم دفع أموال الضعفاء إلى أمراء الجور؛ فهو عاص آثم ضامن، لأنه سلط هؤلاء الفسقة على إتلافه والله أعلم".
¥