[فوائد من كلام الغزالي في الإحياء]
ـ[أبو مجاهد المغربي]ــــــــ[01 - 04 - 06, 04:30 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
إخوني في الله هذه نقول من كلام للغزالي غفر الله له و رحمه في مسائل أكثر أهل البدع في هذا الزمان لمز أهل السنة بها
1 - - أما التعريف والوعظ فكيف يحتاج إلى إذن الإمام؟ وأما التجهيل والتحميق والنسبة إلى الفسق وقلة الخوف من الله وما يجري مجراه فهو كلام
صدق، والصدق مستحق بل أفضل الدرجات كلمة حق عند إمام جائر، كما ورد في الحديث فإذا جاز الحكم على الإمام على مراغمته فكيف يحتاج إلى إذنه؟ وكذلك كسر الملاهي وإراقة الخمور فإنه تعاطي ما يعرف كونه حقاً من غير اجتهاد فلم يفتقر إلى الإمام
ص: 652
مع أن الغزالي لا يري الإنكار في مسائل الإجتهاد
2 - - فإن قيل: فيلزم على هذا أن يقال إذا زنى الرجل بامرأة وهي مكرهة مستورة الوجه فكشفت وجهها باختيارها فأخذ الرجل يحتسب في أثناء الزنا
ويقول: أنت مكرهة في الزنا ومخارة في كشف الوجه لغير محرم، وها أنا غير محرم لك فاسترى وجهك، فهذا احتساب شنيع يستنكره قلب كل عاقل ويستشنعه كل طبع سليم؟ فالجواب أن الحق قد يكون شنيعاً وأن الباطل قد يكون مستحسناً بالطباع والمتبع الدليل دون نفرة الأوهام والخيالات
فإنا نقول: قوله لها في تلك الحالة، لا تكشفي وجهك، واجب أو مباح أو حرام؟ فإن قلتم: إنه واجب فهو الغرض لأن الكشف معصية والنهي عن المعصية حق. وإن قلتم: إنه مباح، فإذن له أن يقول ما هو مباح؟ فما معنى قولكم ليس للفاسق الحسبة؟ وإن قلتم: إنه حرام، فنقول، وكان هذا واجباً فمن أين حرم بإقدامه على الزنا؟ ومن الغريب أن يصير الواجب حرماً بسبب ارتكاب حرام آخر.
وأما نفرة الطباع عنه واستنكارها له فهو لسببين: أحدهما: أنه ترك الأهم واشتغل بما هو مهم. وكما أن الطباع تنفر عن ترك المهم إلى ما لا يعني فتتنفر عن ترك الأهم والاشتغال بالمهم كما تنفر عمن يتحرج عن تناول طعام مغصوب وهو مواظب على الربا،
ص: 650
يستفاد من هذا الكلام عدم الإنكار على من يأمر بستر الوجه و شرعيته بل حتى من الفاسق
و هذه الفقرة: - فالجواب أن الحق قد يكون شنيعاً وأن الباطل قد يكون مستحسناً بالطباع والمتبع الدليل دون نفرة الأوهام والخيالات - رد على أهل البدع في تحسينهم لبدعهم و إستقباحهم للسنة و الحق
3 - - فإن قلت: فما حد الظهور والاستتار؟ فاعلم أن من أغلق باب داره وتستر بحيطانه فلا يجوز الدخول عليه بغير إذنه لتعرف المعصية إلا أن يظهر في الدار ظهوراً يعرفه من هو خارج الدار كأصوات المزامير والأوتار إذا ارتفعت بحيث جاوز ذلك حيطان الدار. فمن سمع ذلك فله دخول الدار وكسر الملاهي وكذا إذا ارتفعت أصوات السكارى بالكلمات المألوفة بينهم بحيث يسمعها أهل الشوارع فهذا إظهار موجب للحسبة
ص: 661
4 - - الدرجة الخامسة: التغيير باليد؛ وذلك ككسر الملاهي وإراقة الخمر وخلع الحرير من رأسه وعن بدنه ومنعه من الجلوس عليه ودفعه عن الجلوس على مال الغير وإخراجه من الدار المغصوبة بالجر برجله وإخراجه من المسجد إذا كان جالساً وهو جنب وما يجري مجراه، ويتصور ذلك في بعض المعاصي دون بعض.
ص: 667
5 - - ومنها تراسل المؤذنين في الآذان وتطويلهم بمد كلماته وانحرافهم عن صوب القبلة بجميع الصدر في الحيعلتين
ص: 671
6 - - ومنها كلام القصاص والوعاظ الذين يمزجون بكلامهم البدعة. فالقاص إن كان يكذب في أخباره فهو فاسق والإنكار عليه واجب، وكذا الواعظ المبتدع يجب منعه ولا يجوز حضور مجلسه إلا على قصد إظهار الرد عليه؛ إما للكافة إن قدر عليه أو لبعض الحاضرين حواليه فإن لم يقدر فلا يجوز سماع البدع. قال الله تعالى لنبيه: "فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره". ومهما كان كلامه مائلاً إلى الإرجاء وتجرئة الناس على المعاصي، وكان الناس يزدادون بكلامه جراءة وبعفو الله وبرحمته وثوقاً يزيد بسببه رجاؤهم على خوفهم منكر، ويجب منعه عنه لأن فساد ذلك عظيم، بل لو رجح خوفهم على رجائهم فذلك أليق وأقرب بطباع الخلق فإنهم إلى الخوف أحوج
ص: 672
7 - - ومهما كان الواعظ شاباً متزيناً للنساء في ثيابه وهيئته كثير الأشعار والإشارات والحركات وقد حضر مجلسه النساء فهذا منكر يجب المنع منه، فإن الفساد فيه أكثر من الصلاح، ويتبين ذلك منه بقرائن أحواله. بل لا ينبغي أن يسلم الوعظ إلا لمن ظاهره الورع وهيئته السكينة والوقار وزيه زي الصالحين، وإلا فلا يزداد الناس به إلا تمادياً في الضلال، ويجب أن يضرب بين الرجال والنساء حائل يمنع من النظر فإن ذلك أيضاً مظنة الفساد،
والعادات تشهد لهذه المنكرات، ويجب منع النساء من حضور المساجد للصلوات ومجالس الذكر إذا خيفت الفتنة بهن فقد منعتهن عائشة رضي الله عنها
فقيل لها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منعهن من الجماعات، فقالت: لو علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدثن بعده لمنعهن وأما اجتياز المرأة في المسجد مستترة فلا تمنع منه إلا أن الأولى أن لا تتخذ المسجد مجازاً أصلاً.
وقراءة القراء بين يدي الوعاظ مع التمديد والألحان على وجه يغير نظم القرآن، ويجاوز حد التنزيل منكر مكروه شديد الكراهة أنكره جماعة من السلف.
ص: 672
ترقيم الصفحات على ما في موقع الوراق