وأصحاب الأناجيل المنسوبة إليهم مثل (متى، لوقا، يوحنا، مرقس) مجاهيل عينًا وحالا، فلا توجد لهم ترجمة موثقة بطرق التوثيق الصحيح المتفق عليه، ولا تثبت لواحد منهم ترجمة تقوى على اجتياز بعض النقد الذاتي والخارجي للنصوص، وقد اعترف بذلك أكثر من واحدٍ من القساوسة الكبار.
ومؤسس النصرانية أو (نصرانية بولس) كما يُعَبر البعض، فهو رجلٌ كذاب، خائن ... إلخ، وقد ورد ما يدل على صفاته هذه في الأناجيل التي بيد النصارى الآن، بل وزيادة على هذا فهم يذكرون أنه كان من أعدى أعداء يسوع (المسيح) وأنه قد حضر إعدام بعض الحواريين، ومع هذا لما رُفِعَ المسيح عليه السلام (وفي الإنجيل: صُلِبَ) عاد المسيح فتجلى لهذا العدو اللدود أثناء سفره في قافلةٍ، فألقى عليه التكليف.
والغريب أن بولس لم يفعل هذا على الفور، ولكنه ذهب إلى مكان اسمه (العربية) فمكث هناك عدة أعوام ثم عاد بعد ذلك ليؤسس النصرانية، أو ليحكي هذه القصة التي تفرد هو بها، مع جهالته عينًا وحالا هو الآخر.
لأنا لا ندري عن شخصيته شيئًا ولا النصارى يدرون سوى ما هو مدون في الإنجيل الذي بأيديهم الآن!!
ولهذا السبب يردد بعض النصارى أحيانًا أن لديهم طريقة أخرى لنقل الإنجيل، وهي شبيهة بالإشاعات، فيزعم بعضهم أن الإنجيل نقل شفاهة بالتواتر الشفاهي بدون أسانيد، ولكنه انتشر وشاع في عصر، ثم شاع في العصر الذي يليه وهكذا حتى تمت كتابته!!
ولا يجد هذا الرأي تأييدًا كثيرًا لدى قساوسة النصارى ولا لدى الباحثين المسلمين؛ لأن الشائع أو المشهور لا يلزم أن يكون صحيحًا على الدوام، إضافةً إلى أن مصدره هو ذاك الكذاب (بولس) الذي تشهد عليه الأناجيل بصفات ذميمة أقلها الكذب!!
فلا يثبت الإسناد برواية كذاب حتى لو رواه عن الكذاب مليون صادق!!
ومن هنا فلا يمكن لنا استنباط مائية الإنجيل، هل كان كتابًا مكتوبًا أو نصًّا شفاهيًا بناء على ما في أيدي النصارى الآن من كتبٍ!!
والطريق الوحيد لمعرفة ذلك، بل ومعرفة كل ما يخص اليهودية والنصرانية: هو ما ورد بشأنهما عند المسلمين، لأن المسلمين وحدهم هم الذين تكفل الله عز وجل بحفظ دينهم ونصوصه عن كل دخيلٍ أو تبديل، ولا تملك أمة من الأمم عشر معشار ما يملكه المسلمين من مناهج توثيق وتدقيق في هذا الشأن بحمد الله عز وجل.
إذا كان ذلك كذلك:
فإن النصوص الإسلامية، قرآنًا وسنةً، تدل على أن الإنجيل قد كان في زمن عيسى عليه السلام كتابًا مكتوبًا، يتلونه، وهكذا نطق عيسى عليه السلام في صغره فقال كما ذكره الله عز وجل عنه: {وآتاني الكتاب}.
فظاهر النصوص التي عندنا تقول بأنه كان كتابًا مكتوبًا، لكنهم حرفوه وغيروه وبدلوا فيه.
وهاك بعض الآيات الكريمات من القرآن الكريم، والتي يؤخذ منها هذا إن شاء الله عز وجل:
يقول الله عز وجل في القرآن الكريم:
وَقَالَتِ اليَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ اليَهُودُ عَلَى شَيءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [البقرة:113]
وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ [البقرة:145]
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة:146]
نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ [آل عمران:3]
مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ [آل عمران:4]
¥