تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهو في النار، وأنهم جميعا مدعوون إلى الإيمان بالقرآن وبالرسول الذي جاء بالقرآن، ومأمورون باتباعه عليه الصلاة والسلام، فإن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عامة لجميع الناس من الكتابيين والأميين، كما قال تعالى: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) وقوله تعالى: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شئ قدير) وقال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولانصراني ثم يموت ولم يؤمن بما أرسلت به إلا كان من أصحاب النار".رواه مسلم.

ولكن دلت النصوص من الكتاب والسنة على الفرق بين أهل الكتاب وغيرهم من الكفار في بعض الأحكام، فمن ذلك: حل ذبائح أهل الكتاب، وحل نسائهم الحرائر العفيفات: كما تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن) بخلاف سائر طوائف الكفار من المجوس وعبدة الأوثان وغيرهم، فلا تحل ذبائحهم ولا نسائهم للمسلمين، وهذا متفق عليه بين العلماء، ومن ذلك أن الجزية لا تؤخذ إلا من اليهود والنصارى و المجوس، على قول أكثر أهل العلم، لقوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر و لا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) وثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخذ الجزية من مجوس هجر، فلذلك اتفق العلماء على أخذ الجزية من هذه الطوائف، واختلفوا في أخذها من غيرهم، والراجح أنها تؤخذ من جميع طوائف الكفار، لحديث بريدة في صحيح مسلم: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا-الحديث، فيه-وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال -أو خلال- فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا-أي عن الإسلام- فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم ".الحديث.

فإذا تبين مما تقدم أن الكفر ضد الإسلام، وأن من ليس بمسلم فهو كافر، سواء أكان يهوديا أم نصرانيا أم وثنيا مشركا أم ملحدا = علم بذلك ضلال من يعبر عن الكفر بالرأي الآخر، وعن الكفار بغير المسلمين ويتحاشى وصفهم بالكفر والكافرين مع ما يتضمنه هذا المنحى الفاسد من اعتبار دين الإسلام الذي- هو دين الله- رأيا يقابل برأي، وهذا اللفظ (أي الرأي الآخر) يقتضي أن دين الإسلام منشؤه الفكر والاجتهاد ممن جاء به، -وهو الرسول صلى الله عليه وسلم- أو أخذ به -وهم المؤمنون -، ومعلوم أن من يعتقد ذلك من المنتسبين إلى الإسلام فإنه كافر مرتد عن الإسلام، فسبيله سبيل المرتدين، وحكم المرتد أن يستتاب، فإن تاب و إلا قتل. ولكن من الخطأ الفاحش أن يصدر مثل هذا التعبير ممن يعلم يقينا أنه لا يعتقد مدلول اللفظ، ولكنه يؤثر هذا التعبير مصانعة للكفار وتألفا لهم بزعمه، ومعلوم أن هذا ليس من التألف المشروع، فإن الله نعت كل من خرج عن دين الإسلام بالكفر والشرك، كما تقدم ذكر بعض الشواهد من القرآن على ذلك، ومن هذا قوله تعالى: (قل ياأيها الكافرون) إلى آخر السورة، وقوله تعالى: (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير) فيجب على من وقع منه هذا الخطأ أن يستغفر ويتوب كما أمر الله بذلك في قوله سبحانه: (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه). نسأل الله أن يلهم الجميع الصواب، وأن يتوب علينا إنه هو التواب الرحيم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

قال ذلك

عبد الرحمن بن ناصر البراك

ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[10 - 04 - 06, 05:22 م]ـ

هذه الفتوى مهمة في بابها لأنها تعالج قضية عمت بها البلوى وهي تغيير كلمة (الكافر) إلى

(الآخر) أو (غير المسلم)

ـ[ناصر أبو بدر]ــــــــ[20 - 03 - 07, 11:16 ص]ـ

هذا السؤال وجهته أنا لفضيلة الشيخ البراك (إبتسامة)

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير