تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبعد فقد بدا لي أن أجعل كلمتي في هذه الليلة بديل الدرس النظامي حول موضوع احتفال كثيرمن المسلمين بالمولدالنبوي وليس ذلك مني إلا قياما بواجب التذكير وتقديم النصح لعامةالمسلمين فإنه واجب من الواجبات كماهو معلوم عند الجميع، جرى عرف المسلمين من بعد القرون الثلاثةالمشهود لها بالخيرية على الاحتفال بولادة النبي صلى الله عليه وسلم وبدأ الاحتفال بطريقة وانتهى اليوم إلى طريقة وليس يهمني في هذه الكلمةالناحية التاريخية من المولد وما جرى عليه من تطورات إنما المهم من كلمتي هذه أن نعرف موقفنا الشرعي من هذه الاحتفالات قديمها وحديثها، فنحن معشر أهل السنة لا نحتفل احتفال الناس هؤلاء بولادة الرسول صلى الله عليه وسلم ولكننا نحتفل احتفالاً من نوع آخر ومن البدهي أنني لا أريد الدندنة حول احتفالنا نحن معشر أهل السنة، وإنما ستكون كلمتي هذه حول احتفال الآخرين لأبين أن هذاالاحتفال وإن كان يأخذ بقلوب جماهيرالمسلمين لأنهم يستسلمون لعواطفهم التي لا تعرف قيداً شرعياً مطلقاوإنما هي عواطف جانحة فنحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بالدين كاملا وافيا تاما والدين هو كل شئ يتدين به المسلم وأن يتقرب به إلى الله عز وجل ليس ثمة دين إلا هذا،الدين هو كل ما يتدين به ويتقرب بهالمسلم إلى الله عز وجل ولا يمكن أن يكون شئ ما من الدين إلا إذا جاء به نبينا صلوات الله وسلامه عليه، أما ما أحدثه الناس بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ولا سيما بعد القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية فهي لاشك ولا ريب من محدثات الأمور، وقدعلمتم جميعا حكم هذه المحدثات من افتتاحية دروسنا كلها حيث نقول فيهاكما سمعتم آنفا "خير الهدى هدى محمدصلى الله عليه وسلم وشر الأمورمحدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعةضلالة وكل ضلالة في النار"، ونحن وإياهم مجمعون على أن هذا الاحتفال أمر حادث لم يكن ليس فقط في عهده صلى الله عليه وسلم بل ولا في عهد القرون الثلاثة كما ذكرنا آنفا، ومن البدهي أن النبي صلى الله عليه وسلم في حياته لم يكن ليحتفل بولادته ذلك لأن الاحتفال بولادة إنسان ما إنما هي طريقة نصرانية مسيحية لا يعرفه الإسلام مطلقا في القرون المذكورة آنفا، فمن باب أولى ألا يعرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأن عيسى نفسه الذي يحتفل بميلاده المدعون إتباعه ــ عيسى نفسه ــ لم يحتفل بولادته مع أنها ولادة خارقة للعادة وإنما الاحتفال بولادة عيسى عليه السلام هو من البدع التي ابتدعها النصارى في دينهم وهي كما قال الله عز وجل: (ابتدعوها ما كتبناها عليهم) ربنا عز وجل هذه البدع التي اتخذها النصارى ومنها الاحتفال بميلاد عيسى ما شرعها الله عز وجل، وإنما هم ابتدعوها من عند أنفسهم فلذلك إذا كان عيسى لم يحتفل بميلاده ومحمد صلى الله عليه وسلم أيضا كذلك لم يحتفل بميلاده والله عز وجل يقول: (فبهداهم اقتده) فهذا من جملة الإقتداء نبينا بعيسى عليه الصلاة والسلام وهو نبينا أيضا ولكن نبوته نُسخت ورُفعت بنبوة خاتم الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهما،ولذلك فعيسى حينما ينزل في آخر الزمان كما جاء في الأحاديث الصحيحة المتواترة إنما يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فإذاً محمد صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بميلاده وهنا يقول بعض المبتلين بالاحتفال غيرالمشروع الذي نحن في صدد الكلام عليه يقولون محمد صلى الله عليه وسلم ماراح يحتفل بولادته طيب سنقول لم يحتفل بولادته عليه السلام بعد وفاته أحب الخلق من الرجال إليه وأحب الخلق من النساء إليه ذا لكما أبو بكروابنته عائشة رضي الله عنهما ما احتفلا بولادة الرسول صلى الله عليه وسلم، كذلك الصحابة جميعا كذلك التابعون كذلك أتباعهم وهكذا، إذا لا يصح لإنسان يخشى الله ويقف عند حدود الله ويتعظ بقول الله عز وجل: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصروالفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا)، فلا يقولن أحد الناس الرسول ما احتفل لأنه هذا يتعلق بشخصه لأنه يأتي بالجواب لا أحد من أصحابه جميعا أحتفل به عليه السلام، فمن الذي أحدث هذا الاحتفال من بعد هؤلاء الرجال الذين هم أفضل الرجال ولا أفضل من بعدهم أبدا ولن تلد النساء أمثالهم إطلاقا، من هؤلاء الذين يستطيعون بعد مضي هذه السنين الطويلة ثلاثمائة سنة يمضون لا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير