تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واحتجوا بقوله تعالى وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى فإذا تاب هذا القاتل وآمن وعمل صالحا فإن الله عز وجل غفار له

قالوا وقد صح عن النبي حديث الذي قتل المائة ثم تاب فنفعته توبته وألحق بالقرية الصالحة التي خرج إليها وصح عنه من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله قال وحوله عصابة من أصحابه بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوني في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه فبايعناه على ذلك

قالوا وقد قال فيما يروى عن ربه تبارك وتعالى ابن آدم لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة وقال من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة وقال من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة وقال إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله وفي حديث الشفاعة أخرجوا من النار من في قلبه مثال حبة من خردل من إيمان وفيه يقول الله تعالى وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال لا إله إلا الله وأضعاف هذه النصوص كثير تدل على أنه لا يخلد في النار أحد من أهل التوحيد

قالوا وأما هذه الآية التي في النساء فهي نظائر أمثالها من نصوص الوعيد كقوله تعالى ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين وقوله ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدا فيها وقوله إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا وقوله من قتل نفسه بحديدة فحديدته يتوجأبها خالدا مخلدا في نار جهنم ونظائره كثيرة

وقد اختلف الناس في هذه النصوص على طرق

أحدها القول بظاهرها وتخلد أرباب هذه الجرائم في النار وهو قول الخوارج والمعتزلة ثم اختلفوا

فقالت الخوارج هم كفار لأنه لا يخلد في النار إلا كافر وقالت المعتزلة ليسوا بكفار بل فساق مخلدون في النار هذا كله إذا لم يتوبوا

وقالت فرقة بل هذا الوعيد في حق المستحل لها لأنه كافر وأما من فعلها معتقدا تحريمها فلا يلحقه هذا الوعيد وعيدالخلود وإن لحقه وعيد الدخول

وقد أنكر الإمام أحمد هذا القول وقال لو استحل ذلك ولم يفعله كان كافرا والنبي إنما قال من فعل كذا وكذا

وقالت فرقة ثالثة الاستدلال بهذه النصوص مبني على ثبوت العموم وليس في اللغة ألفاظ عامة ومن ههنا أنكر العموم من أنكره وقصدهم تعطيل هذه الأدلة عن استدلال المعتزلة والخوارج بها لكن ذلك يستلزم تعطيل الشرع جملة بل تعطيل عامة الأخبار فهؤلاء ردوا باطلا بأبطل منه وبدعة بأقبح منها وكانوا كمن رام أن يبني قصرا فهم مصرا

وقالت فرقة رابعة في الكلام إضمار

قالوا والإضمار في كلامهم كثير معروف

ثم اختلفوا في هذا المضمر فقالت طائفة بإضمار الشرط والتقدير فجزاؤه كذا إن جازاه أو إن شاء

وقالت فرقة خامسة بإضمار الإستثناء والتقدير فجزاؤه كذا إلا أن يعفو وهذه دعوى لا دليل في الكلام عليها ألبتة ولكن إثباتها بأمر خارج عن اللفظ

وقالت فرقة سادسة هذا وعيد وإخلاف الوعيد لا يذم بل يمدح والله تعالى يجوز عليه إخلاف الوعيد ولا يجوز عليه خلف الوعد والفرق بينهما أن الوعيد حقه فإخلافه عفو وهبة وإسقاط وذلك موجب كرمه وجوده وإحسانه والوعد حق عليه أوجبه على نفسه والله لا يخلف الميعاد

قالوا ولهذا مدح به كعب بن زهير رسول الله حيث يقول

نبئت أن رسول الله أوعدني ... والعفو عند رسول الله مأمول

وتناظر في هذه المسألة أبو عمرو بن العلاء وعمرو بن عبيد فقال عمرو بن عبيد يا أبا عمرو لا يخلف الله وعده وقد قال ومن يقتل مؤمنا متعمدا الآية فقال له أبو عمرو ويحك يا عمرو من العجمة أتيت إن العرب لا تعد إخلاف الوعيد ذما بل جودا وكرما أما سمعت قول الشاعر

ولا يرهب ابن العم ما عشت صولتي ... ولا يختشى من سطوة المتهدد

وإني إن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير