تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله ومن حلف له بالله فليرض أي وجوبا كما يدل عليه قوله ومن لم يرض فليس من الله ولفظ ابن ماجه ومن لم يرض بالله فليس من الله وهذا وعيد كقوله تعالى ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء قال ابن كثير اي فقد برىء من الله وهذا عام في الدعاوى وغيرها ما لم يفض إلى إلغاء حكم شرعي كمن تشهد عليه البينة الشرعية فيحلف على تكذيبها فلا يقبل حلفه ولهذا لما رأى عيسى عليه السلام رجلا يسرق فقال له سرقت قال كلا والله الذي لا إله إلا هو فقال عيسى آمنت بالله وكذبت عيني رواه البخاري وفيه وجهان

أحدهما قال القرطبي ظاهر قول عيسى عليه السلام للرجل سرقت أنه خبر جازم لكونه أخذ مالا من حرز في خفية وقول الرجل كلا نفي لذلك ثم أكده باليمين وقول عيسى آمنت بالله وكذبت عيني أي صدقت من حلف بالله وكذبت ما ظهر لي من كون الأخذ سرقة فإنه يحتمل أن يكون الرجل أخذ ماله فيه حق أو ما أذن له صاحبه في أخذه أو أخذه ليقلبه وينظر فيه ولم يقصد الغصب والاستيلاء

قلت وهذا فيه نظر وصدق الحديث يرده وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم رأى عيسى رجلا يسرق فأثبت صلى الله عليه وسلم سرقته

الثاني ما قاله ابن القيم إن الله تعالى كان في قلبه أجل من أن يحلف به أحد كاذبا فدار الأمر بين تهمة الحالف وتهمة بصره فرد التهمة الى بصره كما ظن آدم عليه السلام صدق ابليس لما حلف له أنه ناصح قلت هذا القول أحسن من الأول وهو الصواب إن شاء الله تعالى وحدثت عن المصنف أنه حمل حديث الباب على اليمين في الدعاوى كمن يتحاكم عند الحاكم فيحكم على خصمه باليمين فيحلف فيجيب عليه أن يرضى)


وقال صاحب روح المعاني

(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا (1)
وسائر أهل الكوفة تساءلون بإدغام تاء التفاعل في السين لتقاربهما في الهمس والأرحام بالنصب وهو معطوف إما على محل الجار والمجرور إن كان المحل لهما أو على محل المجرور إن كان المحل له والكلام على حد مررت بزيد وعمرا وينصره قراءة تساءلون به وبالأرحاموأنهم كانوا يقرنونها في السؤال والمناشدة بالله تعالى ويقولون: أسألك بالله تعالى وبالله سبحانه وبالرحمكما أخرج ذلك غير واحد عن مجاهد وهو إختيار الفارسي وعلي بن عيسى وإما معطوف على الأسم الجليل أي أتقوا الله تعالى والأرحام وصلوها ولا تقطعوها فإن قطعها مما يجب أن يتقي وهو رواية إبن حميد عن مجاهد والضحاك عن إبن عباس وإبن المنذر عن عكرمة وحكى عن أبي جعفر رضي الله تعالى عنه وأختاره الفراء والزجاج وجوز الواحدي النصب على الإغراء أي والزموا الأرحام وصلوها وقرأ حمزة بالجر وخرجت في المشهور على العطف على الضمير المجرور وضعف ذلك أكثر النحويين بأن الضمير المجرور كبعض الكلمة لشدة إتصاله بها فكما لا يعطف على جزء الكلمة لا يعطف عليه
وأول من شنع على حمزة في هذه القراءة أبو العباس المبرد حتى قال: لا تحل القراءة بها وتبعه في ذلك جماعة منهم إبن عطيةوزعم أنه يردها وجهان: أحدهما أن ذكر أن الأرحام مما يتساءل بها لا معنى له في الحض على تقوى الله تعالى ولا فائدة فيها أكثر من الأخبار بأن الأرحام يتساءل بها وهذا مما يغض من الفصاحة والثاني أن في ذكرها على ذلك تقرير التساؤل بها والقسم بحرمتها و الحديث الصحيح يرد ذلك فقد أخرج الشيخان عنه صلى الله تعالى عليه وسلم من كان حالفا فليحلف بالله تعالى أو ليصمت
وأنت تعلم أن حمزة لم يقرأ كذلك من نفسه ولكن أخذ ذلك بل جميع القرآن عن سليمان بن مهران الأعمش والإمام بن أعين ومحمد بن أبي ليلى وجعفر بن محمد الصادقوكان صالحا ورعا ثقة في الحديثمن الطبقة الثالثة
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير