وقد عقدَ القاضي عِياضٌ بابًا في صفةِ الصلاةِ على النَّبِيِّ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) في كتاب (الشفاء) ونقلَ فيهِ آثارًا مرفوعةً عن جَماعةٍ منَ الصّحابةِ والتّابعينَ؛ ليسَ في شَيْءٍ منها عن أحَدٍ منَ الصّحابةِ وغيْرِهم لفظ: ((سيدنا))، منها:
[2]ـ حديثُ عَلِيٍّ أنه كانَ يُعلمُهم كيفيةَ الصلاةِ على النبِيِّ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ)، فيقول: (اللَّهم داحي المدوحات، وباري المسموكات، اجعلْ سوابقَ صلواتكَ، ونوامي بركاتكَ، وزائدَ تَحيتكَ على مُحَمَّدٍ عبدِكَ ورسولِكَ، الفاتِحِ لِما أُغلِقَ.
[3]ـ وعن عَلِيٍّ أنه كان يقولُ: (صلواتُ اللهِ البَرِّ الرَّحيمِ، والملائكةِ المقربين على مُحَمَّدٍ بنِ عبدِ اللهِ خَاتَمِ النَّبيينَ وإمامِ المتقين .. ) الحديثَ.
[4]ـ وعن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ أنه كان يقولُ: (اللَّهُمَّ اجعلْ صلواتِكَ وبركاتِكَ ورحمتكَ على مُحَمَّدٍ عبدِكَ ورسولِكَ إمامِ الخيْرِ ورسولِ الرّحمةِ .. ).
[5]ـ وعنِ الْحَسَنِ البَصْريِّ أنه كانَ يقولُ: (مَن أرادَ أن يشربَ بالكأسِ الأروَى من حوضِ الْمُصطفَى؛ فليقلْ: اللَّهُمَّ صلِّ على مُحَمَّدٍ، وعلى آلهِ، وأصحابهِ، وأزواجهِ، وأولادِه، وذُرِّيتِهِ، وأهلِ بيتِهِ، وأصهارِه، وأنصارهِ، وأشياعهِ، ومُحِبِّيهِ).
فهذا ما أوثره من (الشفاء) مِمَّا يتعلّقُ بِهيئةِ الصلاةِ عليهِ عن الصحابةِ ومَن بعدهم، وذكرَ فيهِ غيْرَ ذلك.
نَعَم؛ وردَ في حديثِ:
[6]ـ ابنِ مَسعودٍ أنه كانَ يقولُ في صلاتهِ: على النَّبِيِّ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ): (اللَّهُمَّ اجعلْ فضائلَ صلواتِكَ ورحمتكَ وبركاتكَ على سيدِ الْمُرسلينَ .. ) الحديثَ، أخرجَهُ ابنُ ماجةَ [906]؛ ولكنَّ إسنادَه ضعيفٌ.
وحديثُ عَلِيٍّ [رقم 1] الْمشارُ إليهِ أولاً أخرجه الطّبَرانِيُّ [9/ 43/9089 الحرمين] بإسنادٍ ليسَ به بأسٌ، وفيه ألفاظٌ غريبةٌ رويتها مشروحة في كتابِ (فضلِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) لأبِي الْحَسَنِ بنِ فارس.
وقد ذكرَ الشّافعيّةُ: أنّ رجلاً لو حلفَ لِيُصلِّيَنَّ على النَّبِيِّ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) أفضلَ صلاةٍ؛ فطريق البرِّ أن يُصلِّيَ على النَّبِيِّ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ): اللَّهُمَّ صلِّ على مُحَمَّدٍ كلما ذكرَهُ الذاكرونَ، وسها عن ذكرِه الغافلونَ.
وقال النَّوَوِيُّ: والصوابُ الذي ينبغي الْجَزمُ به أن يقالَ: (اللَّهُمَّ صلِّ على مُحَمَّدٍ وعلى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صلَّيْتَ على إبْراهيمَ …) الحديثَ. وقد تعقَّبَه جَماعةٌ منَ الْمُتأخرينَ؛ بأنه ليسَ في الكيفِيَّتَيِنِ الْمذكورتَيْنِ ما يدُلُّ على ثُبوتِ الأفضليَّةِ فيهما من حيثُ النَّقلِ، وأمّا مِن حيث الْمَعنَى؛ فالأفضليَّةُ ظاهرةٌ في الأولِ.
والْمسألةُ مشهورةٌ في كُتبِ الفِقْهِ، والغرضُ منها أنّ كلَّ مَن ذكرَ هذه الْمسألةَ منَ الفُقهاءِ قاطبةً؛ لَم يقعْ في كلامِ أَحدٍ منهم: ((سيدنا))، ولو كانتْ هذه الزيادة مندوبة؛ ما خَفيتْ عليهم كُلِّهِم حتَّى أغفلوها، والْخيرُ كلُّه في الاتباع، واللهُ أعلمُ ". [انتهى كلامُ الحافظ ابنِ حَجَرٍ].
[فقال الألبانِيُّ معلِّقًا:] قلتُ: ما ذهبَ إليه الحافظُ ابنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالَى = مَن عدمِ مشروعيّةِ تسويدِه (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) في الصلاةِ عليهِ اتباعًا للأمر الكريمِ، وهو الذي عليهِ الحنفيةُ = هو الذي ينبغي التّمسك به؛ لأنه الدليل الصادق على حُبِّهِ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) {قٌلْ إِن كُنتُم تُحِبّونَ اللهَ فَاتَّبِعونِى يُحببكمُ اللهُ} (آل عِمرانَ: 31).
ولذلك قال الإمامُ النَّوَوِيُّ في (الرَّوْضَةِ: 1/ 265): (وأكملُ الصلاةِ على النَّبِيِّ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ): اللَّهُمَّ صلِّ على مُحَمَّدٍ …) إلخ وفقَ النوع الثالث [صفة الصلاة ص 166] المتقدم، فَلم يُذكرْ فيه (السيادة). " انتهى كلامُ الألبانِيِّ.
وبِهذا قد وقفنا بِحمدِ اللهِ تعالَى على موضع فتوى الحافظ ابنِ حجرٍ.
و (صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ على عبدِه ورسولهِ مُحَمَّدٍ وسلَّم تسليمًا كثيرا)، وكتبَ أبو عبد الرَّحْمَنِ الشُّوْكِيُّ (مُحَمَّدُ بنُ حسَنٍ) [email protected]
ـ[راشد]ــــــــ[23 - 11 - 02, 09:16 م]ـ
جزاك الله خيراً .. ولكن ما عرفت اسم المخطوطة التي نقل منها الشيخ الألباني
ـ[مركز السنة النبوية]ــــــــ[23 - 11 - 02, 10:44 م]ـ
وجزاك مثله، والعمل جاري على معرفة المخطوط وجلبه، واللهُ الْمُوفقُ،
و (صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ على عبدِه ورسولهِ مُحَمَّدٍ وسلَّم تسليمًا كثيرا)، وكتبَ أبو عبد الرَّحْمَنِ الشُّوْكِيُّ (مُحَمَّدُ بنُ حسَنٍ) [email protected]
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[24 - 11 - 02, 01:02 ص]ـ
الأخ الفاضل الشوكي سدده الله، أحسنت بارك الله فيك ونفع بك، وجزاك الله خيرا0
¥