وليس فيها أن يوم الولادة كان يوم الاثنين، بل هذا كله جاء في رواية السهيلي من غير إسناد نهائياً لا مقطوع ولا معلق ولا مرسل، قال: إن الرائي له هو أخوه العباس وكان ذلك بعد سنة من وفاة أبي لهب بعد وقعة بدر وفيه أن أبا لهب قال للعباس: إنه ليخفف عليّ في مثل يوم الاثنين، قالوا: لأنه لما بشرته ثويبة بميلاد ابن أخيه محمد بن عبد الله أعتقها من ساعته فجوزي بذلك لذلك. كما عند السهيلي في الروض الأنف (5ـ192).
وبهذا يظهر خطأ أو تدليس من أورد هذه التفاصيل مجتمعة وعزاها للبخاري.
خامساً ـ إن القول بأن اعتاق أبي لهب لثويبة كان عند ولادة النبي صلى الله عليه وسلم يخالف ما عند أهل السير من أن إعتاق أبى لهب إياها كان بعد ذلك بدهر طويل، كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في " الفتح" (9ـ48) وأوضحه في كتابه " الإصابة في تمييز الصحابة" (4ـ250) وكذلك الحافظ ابن عبد البر في كتابه "الاستيعاب في أسماء الأصحاب" (1ـ12) والحافظ ابن الجوزي في كتابه "الوفا بأحوال المصطفى" (1ـ106).
سادساً ـ وعلى فرض ثبوت جواز جزاء الكافر على أعماله الحسنة في مثل هذه الحالة، فإنها تنصرف إلى الإعتاق الذي هو عبادة أصيلة في الشرع، وليس إلى الفرح بالمولود والذي لم يقل أحد من أهل العلم بأنه عبادة أو من القرب.
وعلى فرض أننا أخذنا بظاهر الرواية وتغاضينا عما يردها، فإن ظاهر القصة يؤكد أن أبا لهب خفف عنه للإعتاق وليس للفرح بالمولود، خاصة وأن فرح أبي لهب لم يكن بولادة النبي المرسل، بل بولادة ابن أخيه، بل إن أبا لهب من أشد من كذبه وكفر بنبوته.
وأخيراً ألفت عناية إخواني القُراء إلى مخالفة صريحة يقع بها من يثبت قصة يدين أبي لهب وأنها تنبع ماءاً في جهنم والله في محكم كتابه ينص على أن الكافرين لا يسقون فيها إلا الحميم، كذلك فإن الله تعالى في علاه أنزل قرآناً يتلى إلى قيامة الساعة {تبت يدا أبي لهب} والمسلمون في كل يوم يقولون في صلاتهم وقيامهم {تبت يدا أبي لهب} وهذه القصة تقول إن يدا أبي لهب التي كانت تضع الشوك في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفجر منها ماء، وأين في جهنم التي لا يسقى فيها إلا الحميم بنص رب العالمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
ـ[راشد سيد أيوب]ــــــــ[02 - 09 - 06, 01:46 م]ـ
الأخ الحبيب راشد سيد أيوب هذا المنتدى خاص بطلبة العلم فيسئل فيه عن كل شيء من أمور الدين ولو كانت من الخلافيات أو الفروع
السلام عليكم
بارك الله فيكم أخي الساحلي، وجزاك الله خيرا على ردك الذي أوصل لي الكثير من العلم والأدب والمشاعر بأوجز العبارات وأرقها
واعتذر للجميع عن انفعالي الأولي
وفي الحقيقة لم أفهم وجه الشبهة المقصودة إلا بعد الاطلاع على بحث محمد البيطار المرسل بواسطة الأخ احسان العتيبي، والذي استفدت منه كثيرا
جزى الله الجميع خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله