وإن كان الثاني ـ وهو ما وهمه ـ فهو إبطال لكلامه من أساسه! بل انظر إلى تلك الباقعة العظيمة التي تقيأها هذا الترابي حيث يقول في محاضرة عنوانها " تحكيم الشريعة " (مبيحاً) الردة عن الإسلام: " وأود أن أقول: إنه في إطار الدولة الواحدة، والعهد الواحد: يجوز للمسلم ـ كما يجوز للمسيحي ـ أن يبدل دينه "!! والعياذ بالله تعالى! ولقد أنكر الترابي ـ فيما أنكر بأسلوبه العقلاني الوافد ـ حد الرجم، كما نقله عنه الدكتور محمود الطحان في كتابه " مفهوم التجديد بين السنة النبوية وأدعياء التجديد المعاصرين " (ص: 31) وكذا صاحب كتاب " الصارم المسلول " (ص: 12) ثم تراه ينتقد (منهج السلف) والمنتسبين إليه إعلاء لمنهجه (العقلاني) (التجديدي) بقوله: " ولكن يتسمي بالسلفية آخرون يرون الدين متمثلاً في تاريخ المتدينين (!) فهم بحسن نية يتعصبون لذلك التاريخ، وينسون أن مغزاه في وجهته لا في صورته! ويقلدون السلف (!) لا في مناهجهم (!) وسننهم الأصولية (!) بل في شكل كسبهم المعين (!)، ويعتبرون بالصحابة والتابعين حرف (!) أقوالهم وأعمالهم، ويرون الاتباع لا في المضي على المنهج السالك قدماً (!) إلى الله بل في الموقف عند حد الأولين ومبلغهم ... "!!
كذا قال! وهو كلام لا يسوى فتلة عقال!!
ولو أردت نقد ـ بل نقض ـ هذه الكلمة البتراء لخرج كتابنا عما وضع له، لكني أكتفي بإيرادها ليعرف حقيقة هذا الترابي (العقلاء) حقاً! بل انظر إلى قوله بعد ذلك مباشرة: " والغالب في الذين يرجعون إلى الصور السالفة في تطبيق الشريعة لا إلى مغزى أحكامها أنهم أهل ثقافة صاغها الانغلاق على القديم .. "!! لذلك ... أجاز ـ بانفتاحه على الحديث والجديد ـ الكفر بالردة عن الإسلام ـ كما سبق ـ!! وأنكر حد الرجم!! وجعل حد شارب الخمر " لا يتعدى الجلد بين عشرين وأربعين (!!) ولا يتعدى السجن نحو شهر أو أكثر من ذلك بقليل (!) وغرامة قليلة (!!)).
11 - رد الشيخ محمد سرور زين العابدين:
رد الشيخ محمد سرور على الترابي في كتابه " دراسات في السيرة النبوية "، وفي مجلة السنة. فقال في كتابه السابق:
- (حسن الترابي ونزول المسيح:
أنكر أستاذ الحقوق الدستورية في الجامعات السودانية الدكتور حسن عبد الله الترابي نزول المسيح عليه السلام في آخر الزمان، فقلت له في مجلس ضمنا قبل أكثر من إحدى عشرة سنة: كيف تنكر حديثاً متواتراً؟! قال: أنا لا أناقش الحديث من حيث سنده وإنما أراه يتعارض من العقل، ويقدم العقل على النقل عند التعارض.
وقال أيضاً: هناك أحاديث قالها الرسول صلي الله عليه وسلم بصفته البشرية، وهي ليست حجة رغم صحة أسانيدها، وتوسع في ذكر نماذج من هذه الأحاديث.
ونادى بوجوب تجديد بعض كتب الأصول، وفي محاضرة له في مؤتمر للطلبة المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية سئل عن الاجتهاد والتقليد فقال:
" هذه الشروط - أي شروط الاجتهاد - ليست منضبطة كشروط الدكتوراه والماجستير هنا في الولايات المتحدة الأمريكية "!
وتأكد لي أن الدكتور حسن الترابي لم يتراجع عن هذه الآراء، بل مازال يدعو لها ولما هو أشد خطورة منها. لقد سئل في المحاضرة التي أشرت إليها قبل قليل عن السنة والشيعة، وعن الأسباب التي دعته إلى تأييد ثورة الخميني في إيران؟ فكان مما قاله:
" ليس صحيحاً أن التراث السني والشيعي متباينان هذا التباين، فكتاب الشوكاني دليل لنا رغم أنه شيعي زيدي، وما يجمع المسلمين أكثر مما يفرقهم، فما يجمعهم 95 % وما يفرقهم 5 %!
وسئل: هل أنت على المذهب الشيعي؟ فأجب: أنا لا أسمي نفسي شيعياً ولا سنياً.
سني وشيعي لا تعني أنه يتبع سنة الرسول أو لا يتبعها. معناها حزب سياسي، ومرشح لكل حزب، وأنا لا أصوت لهذا ولا لهذا.
وقال:
أما القرآن فكلنا نتفق عليه، أما أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فنتفق على معظمها سنة وشيعة، أما التراث السني والشيعي ففيه من الترهات والخرافات عند أهل السنة والشيعة، وفيه فوائد.
ومضى الدكتور الترابي ـ في محاضرته ـ يتحدث في قضايا حساسة يحتاج طرحها إلى بحث شاق، وعلم جم، وإحاطة فعلية بأصول الإسلام وفروعه.
ولي على آرائه في هذه المحاضرة وغيرها ملاحظات أعرضها فيما يلي بشيئ من الإيجاز:
¥