تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قبل أيام اجتمع الدكتور حسن الترابي مع أنصاره بمنزله في الخرطوم وقال " إن عمر البشير يسعى لاسترضاء الغرب لتعطيل دين الله00 " وفي ختام حديثه قال إن الحركة الإسلامية اليوم مفصولة عن السلطة بسبب عملاء الغرب " وتصريح الترابي هذا يعني بعبارة أخرى أن البشير باع الدين من أجل الغرب وهي تهمة تحمل بين طياتها التكفير الصريح للرئيس عمر البشير!

وأما عن تصريحه القائل بفصل الحركة الإسلامية عن السلطة فهي تعني باختصار أن الحركة الإسلامية المفصولة هي أنا حسن الترابي وتفسيري هذا ليس اجتهاداً شخصياً مني بل هو تجسيد لعقلية ونفسيه الدكتور حسن ومشكلة الترابي ثقته المفرطة في نفسه فهو يرى من نفسه صاحب العقل الموسوعي الذي يتحدث ويعرف ويعمل كل شئ، فهو في عام 1977 كان المدعي العام الإشتراكي في حكومة النميري وترقى لكي يصبح الأمين العام للاتحاد الإشتراكي، وهو قبل هذا التاريخ عدو لدود للنميري وكان لا يسيمه إلا الطاغوت العسكري الذي لا يطبق الشريعة00

والعجيب أنه كان من أقطاب الإخوان المسلمين في السودان وبعقله الموسوعي جرهم وراءه ليصبحوا جزءاً هامشياً من النظام العسكري الذي خرجوا عليه بسبب مروق النميري من الدين واعتباره طاغوتاً ولأنه يصلح لكل شئ فهو كما ترأس الاشتراكية كذلك ترأس الحركة الإسلامية بل وصار فقيهها ومفتيها ومنظرها العقائدي وينافس شيخ الختمية على المشيخة وينافس إمام المهدية السيد الميرغني على المهدية!

وبلمحة سريعة على شخصية الترابي وارتباطها بما آل إليه الأمر الآن يمكنني أن أترجم له سيرته الضبابية كالتالي:

بعد أخذ الترابي الدكتوراه في الحقوق الدستورية من جامعة السوربون بباريس 1962 لم يكن لديه في تلك الآونة أي علاقة بأي جماعة إسلامية وبدأت صلته مع الجماعات الإسلامية ومع الإخوان المسلمين بالذات في عام 1964 واللافت للنظر أن علاقته ظهرت مباشرة ومن غير مقدمات من خلال مشاركته في قيادة ثورة أكتوبر الشعبية ضد الحكم العسكري لإبراهيم عبود والتي انتهت بسقوط النظام العسكري وقيام حكم برلماني بديل، ومع أن الإخوان المسلمين كانوا قد بدءوا نشاطهم بالسودان منذ عام 1954 ولديهم من القيادات والرجال ممن هم أكبر سناً وخبرة من الترابي إلا أن الترابي تصدر طلائعهم وصار من قيادييهم وليست هي من عبقرية الترابي حتماً ولكن حمله لشهادة الدكتوراه في تلك المرحلة بالذات جعلت له من الوجاهة والألقاب العلمية التي فتنت أفراد الجماعة به0

وشخصية الدكتور الترابي كما أشرت في أول المقال بتشكيل هالة له بأنه الرجل الموسوعي والمرجعي جعلته يبدأ صراعاً داخل هيكل الإخوان المسلمون من جهة وحسن الترابي من جهة أخرى0

حيث أنه كان يعمل في كل حركاته وسكناته على مفهوم التجديد الذي جعله عكازة له في كل عبثه واختراقاته سواء أكان على مستوى الجماعة واستخدام أفرادها ليكونوا تبعاً لفكره المنحرف وحكايا عقله دون منهج مدرسة الأخوان أو كان على مستوى العقائد والفقه والأصول كما فعل في كتابه تجديد أصول الفقه وهو كتاب بمجرد أن تتصفحه تدرك أنه تمييع وتحريف لأصول الفقه بل واقل انحراف فيه هو مهاجمته لأصلي القياس والإجماعي ودعوته الخرقاء لفتح باب الاجتهاد لكل مسلم0

كان الترابي في العام 1965 إلى 1969 زعيماً للإخوان المسلمين وهو ليس مقتنعاً بفكرهم! وأدل شئ على هذا تلك الحواجز التي صنعها مع التنظيم الدولي للجماعة وتأكيده على إقليمية القرار حيث أنه أدرى بالشأن الداخلي والأصلح لإخوان السودان من قيادات الخارج حتى تفجر الصراع بين تياري الإخوان هناك مما أفرز قطبين داخل الجماعة تيار العقل المفتوح " السياسيين " وتيار " التربويين " وقد أطلق عليهم الترابي لقب الإنكماشيين وهي حركة ذكية منه لينكمش أفراد الإخوان منهم فينكمشون إلى غير رجعة! ولقد تحدث الدكتور عبد الوهاب أفندي عن هذا الصراع في كتابه " ثورة الترابي " وكيف أنه حسن الصراع لصالحه بعد أن اقنع تيار السياسيين بضرورة دخول المعترك السياسي بكل تعقيداته مع القفز على المنهج التربوي وبناء الفرد الذي سيؤخرهم للوصول للسلطة وفعلاً نجح الترابي وتفلت الأفراد من قبضة التربويين من دون أن يستكمل بناؤهم وأصيب التربويون بالإحباط فبرزت إلى السطح ظاهرة الانسحاب إلى الظل متمثلة في استقالة أكثر من زعيم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير