تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

للحركة من رموز تيار التربويين وبذلك حسم الترابي الصراع لصالحه بعد استيلائه على أكبر كمية من عقول الأفراد وتطميعهم بكراسي السلطة0

ومن أمثلة استهتار الترابي بالتربويين هي دعوته للأوائل منهم الذي التحقوا بالحركة الإسلامية منذ الخمسينات إلى عشاء دسم في بيته بعد أن نجحت حركة الإنقاذ بالاستيلاء على السلطة عام 1989 وبعد انتهاء الوجبة قام بإهداء مصحف لكل واحد منهم وقال لهم لقد تعبتم كثيراً وكم هو جميل أن تتفرغوا الآن لقراءة القرآن!!

(2)

وما زالت جموع من المشفقين أو المخذلين يتساءلون هل هذا هو النموذج الإسلامي الذي تريدوننا أن ننتهجه؟ هل هذه الدولة الإسلامية التي تريدون؟ لنجيبهم بصوت جهوري من قال لكم إنه قد قامت دولة إسلامية أصلاً في السودان بعد؟

كل ما قام هناك وتشكل إنما هي دولة ترابية قامت على أفكار وأنقاض حسن الترابي.

وعودة إلى منهج الترابي الذي يرتكز على الغاية تبرر الوسيلة. فلقد أسس الترابي في العام (1965 - 1969) بالتعاون مع بعض المنتمين للتيارات إسلامية حزباً سموه (جبهة الميثاق الإسلامي) ولست الآن في معرض تفصيل أنشطة هذا الحزب ولكني أنوه على أن فكرة الترابي التي قامت على إنشاء هذا الحزب هي استيعاب كل المؤيدين لأطروحات حسن الترابي سواء من الجماعات الإسلامية أو من غيرها وبغض النظر عن توجهات وسلوكيات المنتمين للجبهة ليتحقق له أكبر عدد من المؤيدين وهو التجميع السلبي الذي يسمى في الدروس الحركية بالتجميع الكمي.

ولقد انتبه أحد قادة الأخوان آنذاك وهو الشيخ محمد صالح عمر لانحراف الترابي وانحراف هذه الجبهة التي أقامها فقام بإصدار بيان يعلن فيه انسحابه من هذه الجبهة التي يقود انحرافها الترابي! وعودة من جديد إلى تاريخ الترابي فلقد حدث انقلاب عسكري بقيادة الجنرال جعفر النميري عام 1969 وتولى الإمام المهدي وأنصاره من الطائفة المهدية مع الحركة الإسلامية مقاومة حكم النميري بإعلانهم الخروج على النظام الحاكم ولكن النظام العسكري قابل هذا التمرد بمنتهى العنف فقتل تلك المقاومة شر قتلة بقصفهم بالمدافع! وعلى أثر هذه المذبحة تشكلت في العام 1974 جبهة وطنية تضم حزب الأمة والحركة الإسلامية وجماعة الهندي وكان من بينهم صاحبنا حسن الترابي وفي عام 1976 غزت قوات هذه الجبهة الخرطوم بقصد الإطاحة بنظام النميري وبعد قتال استمر عدة أيام هزمت قوات النميري الجبهة وبسحق هذه القوات استقر حكم النميري ولم يعد خصومه قادرين على القيام بأي محاولة عسكرية. والذي يعنينا من هذا العرض أنه تمكن أحد الوسطاء السودانيين من إجراء مصالحة بين النميري وكل من صادق المهدي وحسن الترابي فلم يستمر المهدي بالمصالحة ولكن الترابي اندمج كلية في النظام بل واصبح وزيراً في البلاط النميري، وهو أمر ليس بمستغرب على الترابي لأنه سبق وقلنا أن منهجه باختصار الغاية تبرر الوسيلة وما دامت الغاية هي الوصول للسلطة فالأولى أن أسمى الجنرال جعفر النميري بفضيلة الشيخ جعفر النميري، ولعل البعض ممن هو على شاكلة الترابي يقول (اشعرفه هذا المليفي بالتكتيكات السياسية والتخطيط والرسم لبعيد) فأقول وما الذي ميّع الدين إلا أمثالكم ممن جعلتم المصلحة هي التي تحكم الدين، وحتى صار عندنا إسلامي اشتراكي وإسلامي ديموقراطي وإسلامي متنور وآخر متحرر وإسلامي منفتح وآخر منشكح!!

وعموماً يجب أن يعرف الجميع أن النميري ليس بذاك الغباء كي يجعل من نوعية الترابي وزيراً عنده لأن النميري لم يضم الترابي إلى بلاطه إلا عندما وجد من طينته سلاسة في إعادة التشكيل حيث أن للنميري تجربة سابقة مع نموذج - نوعاً ما - يشابه الترابي وهو الرشيد طاهر بكر فلقد كان يعتبر من أحد كبار جماعة الإخوان المسلمين إذ كان فيما مضى المراقب العام لهم في السودان ولكنه أصبح فيما بعد من أعضاء الاتحاد الإشتراكي المؤيد للرئيس جمال عبد الناصر، فعلاً إنه نموذج صارخ للحديث النبوي الشريف (يصبح مؤمناً ويمسي كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل) ولقد سبق أن نوهت في الجزء الأول من المقال أن قد الترابي صنع من نفسه تياراً داخل الإخون المسلمين لأنه الإخوان كانوا ممن صالحوا النميري آنذاك مصالحة شكلية مع بقاءهم في صف المعارضة ولكن الترابي تجاوزهم كلية في المصالحة مع النميري وأبرم لوحده اتفاقاً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير