تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبتسلم الترابي القيادة الفعلية من قادة الانقلاب بترؤسه المؤتمر الوطني انطبع في السودان نظاماً سياسياً ذا رأسين في تكوين القرار ومع أن الرئيس البشير قد خرج من رحم الترابي إلا أنهما ما لبثا أن تحولا إلى طرفي نقيض وكانت تلك الثنائية سبباً مباشراً في شل إصدار قرارات صحيحة في وقت صحيح، ومن المعلوم بديهياً وتاريخياً أن كل التجارب القيادية التي تقوم على الثنائية في القرار تنتهي إلى زوال أحد القطبين وكما يقول إخواننا المصريون (سفينة بربانين تغرق).

ولست الآن بمعرض التفصيل ولكني أنوه بشدة وأقول؛ لن يغير الله سنته في أرضه إرضاء لأحد ولن يكون أحد عند الله أكرم من نبيه صلى الله عليه وسلم وهو أحب من خلق إليه ومع هذا؛ شُج وجهه الكريم وكسرت رباعيته بأمي هو وأمي ولم يقم دين الله على أرضه إلا بإقامة الجهاد ومن دون أن يتنازل نبي الهدى عن قطرة واحدة من منهجه وصراط الله العظيم وحاشاه عليه السلام ذلك، إذن لن تقوم الدولة الإسلامية الحقة عن طريق الانقلاب، ولا عن طريق البرلمانات الوضعية، ولا عن طريق الديموقراطية كما حدث في نكبة إسلاميي الجزائر الذين أرادوا أن تقام الدولة الإسلامية عن طريق صناديق الإقتراع وهيهات أن يغير الله سنته! ولا عن طريق المؤتمرات والبوفيهات المفتوحة والحوارات المدفوعة الثمن وبطاقات الدعوة المذهبة للمشاركة داخل قاعات الفنادق الفخمة وبرعاية الدولة أيضا!

إن محنة الحركة الإسلامية الرئيسية في السودان إنها جاءت إلى السلطة عن طريق الانقلاب العسكري والمصيبة ليست في الانقلاب فحسب ولكن في الهم الأول للمشاركين فيه وهو تأمين موقعهم في السلطة.

في الحلقة القادمة بإذن الله سأبين لكم آخر انحرافات الترابي الدعوية والحركية مع تعرية منهجه العقدي والفكري ليعلم الجميع حقيقة هذا الرجل.

(4)

قصة الترابي الحقيقية وفضيحة معتقده!!

اليوم سأبين لكم نموذجاً واحداً فقط من تخبط الترابي الدعوى والحركي ومن ثم سأعري لكم معتقده الفاسد: بعد أن استتب الأمر للترابي في انقلاب 1989 أكثر الدكتور الترابي بقوله في مجالسه الخاصة والعامة وعبر القنوات الإعلامية أن هذا الانقلاب هو انقلابنا وأن قادته العكسريين هم أبناؤنا وتلاميذنا وما كان سجني إلا بقصد التمويه وأن قادة الانقلاب ما هم إلا ثمرة جهودنا وتربيتنا، وها هو الآن وبعد عشر سنوات عجاف من الانقلاب يصرح ويردد أن عمر البشير ما هو إلا خائن ومارق ومرتد ومن أزلام الغرب!!

ولكن هل فكر الترابي ملياً قبل أن يتهم صفوة تلاميذه بالخيانة والردة والسقوط تحت أرجل الغرب أن من يصفهم بهذه الأوصاف البشعة هم صفوة تلاميذه وثمرة تربيته؟!

ألا يدري أن هذه اللغة التي يتحدث بها تعني أنه رجل فاشل ولا يحسن اختيار مساعديه وأعوانه بل ويجهل أبسط معالم التربية والإعداد؟ علماً بأن الترابي ما فتئ يردد بين الحين ولآخر بأن الجماعات الإسلامية ومن دون استثناء وعلى رأسهم الإخوان قد فشلوا في إعداد وتربية أفرادهم، وتهمته هذه يلوكها منذ أكثر من ثلث قرن، ويأتي اليوم ليجسد للعالم أجمع نموذجه الترابي في الإعداد؟!

نعم يا معشر السادة لا تستغربوا إن قلت لكم أن نائب الرئيس عمر البشير والمسمى (علي عثمان طه) هو نفسه نائب الترابي في الجبهة الإسلامية! وكذلك رفيق دربه في العمل الإسلامي!

بل أن رفيقه هذا مع تلميذه البشير صار يسميها الآن هم وأنصارهم من أبناء الحركة الإسلامية مرتدين وخونة وعملاء للغرب! هكذا وبكل بساطة خلعهم من الإسلام فقط لأنهم اختلفوا معه ولا يريدون قيادته، وهل يوجد عاقل يقبل أن يقوده حسن الترابي؟

إن الترابي هذا الذي يظن بعض البسطاء أن له يداً في محاولة تطبيق الشريعة بالسودان هو نفسه الذي كان له اليد الطولى بتعديل الدستور السوداني وجعله دستوراً علمانياً بعد أن كان دستوراً إسلامياً! وهو نفسه الآن يعطي أوامره للمقاتلين ضد قوات قارانق ليفرغ مواقعهم كي يربك مجموعة البشير العسكرية وهو لا يهمه أن ينتصر قارانق على المسلمين ولكن الذي يهمه الآن وبالدرجة الأولى مصلحته الشخصية وإحكام سيطرته على الدولة ودحر ومسح كل من يخالف نهجه وانحرافه، وأقسم أن مثل هذا الرجل لا يهمه إسلام ولا دين ولكن ما يهمه حقاً هو أن تقوم إمبراطورية الترابي العظمى ولو على أنقاض السودان وجماجم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير