تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- الكلمة الثالثة: ثناؤه على المصيب من أئمة التصوف، ليس شهادة أنه على السنة في كل أموره، بل ثناء نسبي، ودليل ذلك: أنه لا يعدل بأهل القرون الثلاثة المفضلة أحدا، ويقرر أن أئمة التصوف دونهم في المنزلة واتباع السنة (الاستقامة [1/ 89،163]، الفتاوى [2/ 13]، [10/ 362]) وعندما يذكر موافقتهم للسلف، فإنما بحسب سياق المسألة التي بصددها، كما هو الحال حين كلامه على موقفهم من الصفات (الاستقامة 1/ 82 - 91، 94،102،111). ولا يمتنع من بيان ما أخطؤوا فيه. وموقفه هذا مبني على أساس التزمه وعمل به، وهو: منهج الموازنة والمعادلة. فيعرف لأئمة التصوف ما لهم، وما عليهم، فلا يبخسهم حقهم، ولا يسكت عن خطئهم. (الفتاوى 10/ 362 - 366)

- الكلمة الرابعة: أنه مع تقريره بدعية التصوف، يقرر كذلك أنه لا يخلو من حق، يؤخذ به، ويحمد عليه، وهكذا الأمر في الكلام والرأي، فالمنهج الذي يقرره: أن المذهب البدعي ليس كل ما فيه باطل، بل فيه من الحق بقدر ما فيه، والعدل والميزان: أخذ ما فيه من حق، وترك باطله. مع الإشارة إلى أن ذلك الحق أصله موجود في السنة، وكأنه يرمي إلى أن الإشادة بالحق، ولو تضمنه مذهب بدعي، ينفع في هداية المعتنقين لهذا المذهب؛ إذ لا يتلقون إلا عنه. فهو إذن يتبع منهج المعادلة والموازنة في حكمه على الأفكار، كما في حكمه على الأشخاص (الفتاوى 10/ 82،370).

هذه الأمور ينبغي أن تلاحظ في تقريرات الإمام ابن تيمية لفكرة التصوف والمنتسبين إليها، فإن بعض الناس لما لم يفطن إليها: ظن أن الإمام يصحح بعض مذاهب التصوف، ويجعل منه: ما هو فلسفي، وما هو سني. وليس الأمر كذلك، بل هو عنده: بدعي، يتضمن حقا وباطلا، فيعرف حقه، وينكر باطله. وهذه المسألة تحتاج إلى بسط، والموضع لا يحتمل، غير أن المهم في الأمر هنا: أن المتبع لابن تيمية في نظرته إلى التصوف ينساق إلى العدل، وذلك بالتفريق في الحكم بين الفكرة والمنتسبين إليها.

- فأما الفكرة فإنها بدعة، هذا ما يقرره ابن تيمية.

- وأما المنتسبون، فمنهم الصالح، ومنهم المبتدع، ومنهم الزنديق.

ولأجل ذلك كان من اللازم: الحكم على عموم المتصوفة بأنهم من أهل السنة؛ لأن هذا هو العدل، والعدل هو الحق، لكن هذا لا يمنع من الحكم ببدعية فكرة التصوف في ذاتها؛ لأن هذا هو حقيقتها.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير