قَامَ وصَلَّى واعْتكَفَ فإنَّمَا هُوَ لِنَفْسِه، وإذا تَكَلَّمَ في أهْلِ الّبِدَعِ فإنَّمَا هُوَ لِلْمُسْلِمين هَذَا أفْضَلُ ".
فَبَيَّنَ أنَّ نفْعَ هذا عَامٌّ لِلْمُسْلِمِينَ في دِينِهِمْ مِنْ جِنْسِ الجِهَادِ فِي سَبِيْلِ اللهِ؛ إذْ تَطهِيرُ سَبِبيلِ اللهِ وَدينِهِ ومَنْهَجِهِ وَشِرْعَتِهِ وَدَفْعُ بَغْيِ هَؤُلاءِ وَعُدوانِهِم عَلَى ذَلِكَ وَاجِبٌ على الكِفَايَةِ بِاتِّفَاقِ المسْلِمينَ وَلَولا مَنْ يُقيمُهُ اللهُ لِدَفْعِ ضَرَرِ هؤُلاءِ لَفَسَدَ الدِّينُ وكَانَ فَسَادُهُ أعْظَمَ مِنْ فَسَادِ اسْتيلاءِ العَدُوِّ مِنْ أهْلِ الْحَرْبِ؛ فإنَّ هؤلاء إذا اسْتَولَوا لَمْ يُفسِدُوا الْقُلُوبَ وَمَا فِيهَا مِنَ الدِّينِ إلا تَبَعاً وَأمَّا أُولَئِكَ فَهُمْ يُفْسِدونَ الْقُلُوبَ ابتِداءً!) انتهى ()
ويقول > -رحمه الله-: (ثَلاثَةٌ لَيْسَتْ لَهُمْ حُرْمَةٌ فِي الغِيبةِ: فَاسِقٌ يُعْلِنُ الفِسْقَ، والأمِيرُ الجائِرُ، وصَاحِبُ البِدْعَةِ المُعْلِنُ البِدْعَة) انتهى ().
وموضوع الغيبة المذمومة والفرق بينها وبين النصيحة وتحذير المسلمين مما يفسد الدين – كما تقدَّم – بيَّنها العلماء مثل قول > -رحمه الله-: (والفَرْقُ بَيْنَ النصيحة والغيبَة أنَّ النصِيْحَةَ يَكُونُ القَصْدُ فِيهَا تَحْذيرُ المُسْلِمِ مِنْ مُبْتَدِعٍ أوْ فَتَّانٍ أوْ غاشٍّ أوْ مُفْسِدٍ، فتَذكُرُ مَا فيهِ إذا اسْتَشَارَكَ في صُحْبَتِهِ وَمُعامَلَتِهِ وَالتَّعَلُّقِ بِهِ كَمَا قال النَّبيٌّ y لِـ > - وَقَدْ اسْتَشارَتهُ في نِكاحِ > وَ > فَقَال: " أمَّا > فَصُعْلُوكٌ، وأمَّا > فَلا يضَعُ عصَاه عَن عاتِقِه "، وقَالَ بَعْضُ أصْحابِهِ لِمَنْ سَافَرَ معَهُ: إذَا هَبَطْتَ عَنْ بلاَدِ قَوْمِهِ فاحذَرْهُ.
فإذَا وَقَعَتِ الِغيبةُ على وجْهِ النَّصيحَةِ للهِ وَرَسولهِ وَعِبَادهِ المُسلِميْن فَهيَ قُرْبَةٌ إلى اللهِ مِن جُمْلَةِ الحَسَنَاتِ.
وإذا وقَعَت عَلَى وجْهِ ذَّمِّ أخيكَ وتَمْزيقِ عِرْضِه والتَّفَكُّه بِلَحْمِهِ والغضِّ منه لِتَضَعَ مَنْزِلَتَهُ مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ فهيَ الدَّاءُ العُضالُ ونارُ الحَسَناتِ التي تأكُلُها كَمَا تأكُلُ النَّارُ الحَطَب) انتهى ().
وقال > -رحمه الله – في أحكام الغيبة: (ومِنْ ذلكَ إذا ذَكَرَ مُصنِّفٌ كِتابَ شخْصٍ بِعينِهِ قائلاً: " قالَ فُلانٌ كَذَا .. " مُريداً بذلك تَنْقيصَه والشَّناعةِ عَليهِ فهوَ حَرامٌ، فإن أرادَ بَيَان غَلَطِهِ لِئلا يُقلَّدَ أوْ بَيَانَ ضَعْفِهِ في العِلْمِ لِئلا يَغْتَرَّ بِهِ ويُقبَلَ قَولُهُ: فَهذا لَيسَ غِيبةً، بلْ نَصيحةٌ وَاجِبَةٌ يُثابُ علَيهَا إذَا أرَادَ ذَلِكَ) انتهى ().
فتأمَّل قول > - رحمه الله: (قُربَةٌ إلى اللهِ مِنْ جُمْلَةِ الحَسَناتِ)، وقول > - رحمه الله-: (بلْ نَصيحًةٌ وَاجِبَةٌ يُثابُ علَيهَا إذَا أرَادَ ذَلِكَ) تعلم خطأ من يجعل الغيبة باباً واحداً منهيِّاً عنه دون بيان الفرق الذي يذكره العلماء – كما تقدَّم من كلام > و > و > -رحمهم الله-، والذّبِّ عن الدين بذكر المنحرفين؛ وهذا غلطٌ ظاهِرٌ.
وبعض الناس يحتجُّ بما ورد في ذمِّ (الغيبة) من القرآن والسنة وكلام العلماء مثل كلام > - المتقدِّم – ونحوه إذا خالف هواه وبُيِّنَ أمر متبوعه ومقلِّدهِ، أمّا غير ذلك فله مكيال آخر!.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[03 - 06 - 07, 02:02 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخ سليمان، ورحمة الله الواسعة على شيخنا العلامة العثيمين.
والشكر موصول لأخينا الفاضل أبي هاجر، فالإضافة التي أضافها أخونا إضافة مهمة جدا، وشبهة من شبهات أهل البدع، وكنت على وشك إضافتها تفقها مني، ولما عايناه، وعانيناه في النقاشات مع هؤلاء، فإذا تكلمت في رأس من رؤوسهم، قال لك " إن لحوم العلماء ... "!!!
فتقول له: وهل هذا منهم؟!!!
والله الهادي.
ـ[أيمن التونسي المديني]ــــــــ[03 - 11 - 07, 01:59 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
رحم الله شيخنا العثيمين رحمة واسعة و جزاك الله خيرا يا شيخ سليمان و نفع الله بك.
ـ[أبو آلاء الحدادي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 10:13 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الإفادة العظيمة
ـ[المسيطير]ــــــــ[24 - 06 - 09, 07:23 ص]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم.
قال الشيخ / بكر أبوزيد رحمه الله تعالى في كتابه: " النظائر " في لطائف الكلم في العلم ص295:
* (لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في منتقصهم معلومة).
ابن عساكر في مقدمة كتابه " تبيين كذب المفتري ".
وفي " الشقائق النعمانية " ص/39 ... ذكر مايفيد أن الأولى أن يقال: لحوم العلماء سامة. أ. هـ