وما هو الحكم في الولي الذي يزوج ابنته دون إرادتها ايأثم على ذلك؟
وبارك الله فيكم وجزاكم الله خير الجزاء
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[26 - 02 - 08, 03:24 م]ـ
نهي النبي صلي الله عليه وسلم على خطبة الرجل على أخيه
والسؤال هو لو أن امرأة جاءها من يريد زواجها وهي رافضة ذلك الرجل في نفسه ولكنها تخشى اخوانها و أحد اخوانها وافق على هذا الرجل فهل يجوز لي أن انظر لتلك المرأة دون علمها وبالطبع دون علم وليها وفي نيتي الخطبة أم أنه أصلاً لا يجوز ذلك لأنها في حكم
والمخطوبة ولا يجوز الخطبة على خطبة؟
وما هو الحكم في الولي الذي يزوج ابنته دون إرادتها ايأثم على ذلك؟
وبارك الله فيكم وجزاكم الله خير الجزاء
إذا كانت هذه المرأة بكرا بالغة, فالصحيح الذي عليه الحنفية ورجحه ابن تيمية وأفتى به جمع من المعاصرين أنه لا يجوز إجبارها, فإجبارها في غاية الظلم لها
ويجب النظر في طريقة يعالج بها هذا الموضوع بحكمة تحفظ بها حقوق هذه المرأة دون الوقوع في مفاسد قد يجرها التصرف المتعجل, كما أنه لا يجوز التساهل في حق هذه المرأة بهذه الحجة
وأما الخطبة على خطبة هذا الذي لم ترض به هذه المرأة, فقد قال في كشاف القناع:
" (لَكِنْ لَوْ كَرِهَتْ) الْمُجْبَرَةُ (الْمُجَابَ وَاخْتَارَتْ) كُفُؤًا (غَيْرَهُ وَعَيَّنَتْهُ سَقَطَ حُكْمُ إجَابَةِ وَلِيِّهَا لِأَنَّ اخْتِيَارَهَا) إذَا تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ (يُقَدَّمُ عَلَى اخْتِيَارِهِ) ... "
وقال ابن قدامة في المغني:
" فَصْلٌ: وَالتَّعْوِيلُ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَابَةِ عَلَى الْوَلِيِّ إنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً، وَعَلَيْهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُجْبَرَةً؛ لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَلَوْ أَجَابَ هُوَ، وَرَغِبَتْ عَنْ النِّكَاحِ، كَانَ الْأَمْرُ أَمْرَهَا.
وَإِنْ أَجَابَ وَلِيُّهَا، فَرَضِيَتْ، فَهُوَ كَإِجَابَتِهَا، وَإِنْ سَخِطَتْ فَلَا حُكْمَ لِإِجَابَتِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا.
وَلَوْ أَجَابَ الْوَلِيُّ فِي حَقِّ الْمُجْبَرَةِ، فَكَرِهَتْ الْمُجَابَ، وَاخْتَارَتْ غَيْرَهُ، سَقَطَ حُكْمُ إجَابَةِ وَلِيِّهَا، لِكَوْنِ اخْتِيَارِهَا مُقَدَّمًا عَلَى اخْتِيَارِهِ.
وَإِنْ كَرِهَتْهُ وَلَمْ تُجِزْ سِوَاهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ حُكْمُ الْإِجَابَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ أُمِرَ بِاسْتِئْمَارِهَا، فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُكْرِهَهَا عَلَى مَنْ لَا تَرْضَاهُ.وَإِنْ أَجَابَتْهُ، ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ الْإِجَابَةِ وَسَخِطَتْهُ، زَالَ حُكْمُ الْإِجَابَةِ؛ لِأَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ " انتهى من المغني
فإذا كنت تعلم يقينا أن هذه المرأة كارهة غير راضية ولم تجب لهذا الخاطب فالذي يظهر جواز خطبتها, على أن لا يترتب على ذلك مفاسد شرعية ينبغي على الحصيف اعتبارها
وأما النظر إليها بدون إذنها, فيشترط لذلك أن يغلب على ظنك أنك تجاب إن خطبتها, وتأمن من المفسدة التي قد تحصل من ذلك, قال في كشاف القناع:
" (و) الضرب (الرابع النظر) المسنون (لاجل النكاح فيجوز) بل يسن إذا قصد نكاحها ورجاه رجاء ظاهرا أنه يجاب إلى خطبته كما قاله ابن عبد السلام "
وقال في منتهى الإرادات: " فَصْل وَيُبَاحُ لِمَنْ أَرَادَ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ بِكَسْرِ الْخَاءِ (وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إجَابَتُهُ نَظَرُ مَا يَظْهَرُ) مِنْهَا (غَالِبًا) "
أخرج ابن ماجة عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ:
خَطَبْتُ امْرَأَةً فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهَا فِي نَخْلٍ لَهَا فَقِيلَ لَهُ أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا
انظر: السلسلة الصحيحة رقم (98)
ومثل هذا الوضع الذي تصفه يحتاج منك إلى استخارة واستشارة, وأن تتدبر الأمر جيدا, وتحسن التعامل مع الوضع الذي قد يكون معقدا, ودخولك فيه قد لا يكون سهلا عليك, فلا يكفى أن تعلم أن الفعل الذي ستقدم عليه من المباحات, بل لابد من تأمل عواقبه على نفسك والمرأة وأهلها, والله يعينك ويختار لك الخير