ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 12:29 م]ـ
@@@ (مغرب الأحد 21/ 5 / 1413هـ)
فصل
فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى الأسماء والكُنى
ثبت عنه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: ((إنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاَكِ، لاَ مَلِكَ إلاَّ اللَّهُ)).
وثبت عنه أنه قال: ((أحَبُّ الأسْمَاءِ إلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ وهَمَّامٌ، وأَقْبَحُهَا حَرْبٌ وَمُرَّةٌ)).
@@@ [قال الشيخ ابن باز: الثابت من الحديث (أحب الاسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن) والزيادة (وأصدقها حارث وهمام) فيها نظر وتراجع]
وثبت عنه أنه قال: ((لا تُسَمِينَّ غُلامَكَ يَسَاراً وَلاَ رَبَاحاً وَلاَ نَجِيحاً وَلاَ أَفْلَحَ، فَإنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّتَ هُوَ؟ فَلاَ يَكُونُ، فَيُقَالُ: لا)).
@@@ [قال الشيخ ابن باز: كان هذا النهي أولاً ثم أذن لهم بالتسمي بها ففي الصحابة رباح ويسار ونافع ... فيحتمل أن ذلك نسخاً فنسخ الحكم من التحريم إلى الإباحة أو يكون النهي هنا للكراهة لا للتحريم]
وثبت عنه أنه غيَّر اسم عاصية، وقال: ((أنتِ جَميلَةٌ)).
وكان اسم جُوَيْريَةَ: بَرَّةً، فغيَّره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم باسم جُوَيْرِيَة.
وقالت زينبُ بنتُ أمِّ سلمة: نهى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يُسَمَّى بِهذا الاسمِ، فَقَالَ: ((لاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُم، اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ البِّر مِنْكُم)).
وغيَّر اسم أَصْرَم بزُرعةَ، وغيَّرَ اسمَ أبى الحَكَم بأبى شُرَيْحٍ.
@@@ [قال الشيخ ابن باز: ورد من اسماء الصحابة مروان بن الحكم وحكيم بن حزام ولم يغيرها صلى الله عليه وسلم فيكون النهي أولاً ثم نسخ إلى الإباحة أو يكون النهي للكراهة لا للتحريم وهذا هو الأقرب]
وغيَّرَ اسم حَزْن جدِّ سعيد بن المسيب وجعله سَهلاً فأبَى، وقال ((السَّهْلُ يُوطَأ وَيُمْتَهَنُ)).
قال أبو داود: وغيَّرَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم اسمَ العَاصِ، وعَزِيز، وعَتْلَةَ، وشَيطَان والحَكَم، وغُراب، وحُباب، وشِهاب، فسماه هِشاماً، وسمِّى حرباً سِلْماً، وسمَّى المضطجعَ المنبعِثَ، وأرضاً عَفْرَةً سمَّاها خَضِرَةً، وشِعْبُ الضَّلالَةِ سماه شِعْبَ الهُدى، وبنو الزِّنية سماهم بنى الرِّشدة، وسمَّى بنى مُغوِيَةَ بنى رِشْدَةَ.
@@@ [قال الشيخ ابن باز: وهذا يحتاج إلى تحقيق لأن المؤلف ألفه في السفر فيذكر الصحيح والضعيف فقد جاء اسم العزيز في القرآن (امرأة العزيز) وسمي الرسول صلى الله عليه وسلم (رؤوف رحيم) فهذا إذا أطلق على العبد يكون له ما يليق به ولله عز وجل المعنى الأكمل في هذا الإطلاق]
@@@ [وقال الشيخ ابن باز: اسم إيمان وإسلام لعلها تكون كما سبق ويكون حكمها الكراهة ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ترك تغييرها في آخر الأمر مما يدل على أن الأفضل تركها]
[وقال أيضاً: التسمية بأفنان وملاك وجبريل لا شيء فيها]
فصل
فى فقه هذا الباب
لما كانت الأسماءُ قوالِبَ للمعانى، ودالَّةً عليها، اقتضتِ الحكمةُ أن يكونَ بينها وبينها ارتباطٌ وتناسبٌ، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبى المحضِ الذى لا تعلُّقَ له بها، فإن حِكمة الحكيم تأبى ذلك، والواقِعُ يشهد بِخَلافه، بل للأسماء تأثيرٌ فى المسميَات، وَلِلْمُسَمَّيَاتِ تأثُّر عن أسمائها فى الحُسن والقبح، والخِفَّة والثِّقَل، واللطافة والكَثَافة، كما قيل:
وقلَّما أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ ذَا لَقَبٍ إلاَّ وَمَعْنَاهُ إن فَكَّرتَ فى لَقَبِهْ
وكان صلى اللَّه عليه وسلم يستحِبُّ الاسم الحسَن، وأمر إذا أَبْرَدُوا إليهِ بَرِيداً أن يَكُونَ حَسَنَ الاسْمِ حَسَنَ الوَجْهِ.
@@@ [قال الشيخ ابن باز: الحديث فيه نظر]
وكانَ يأخذ المعانى من أسمائِهَا فى المنامِ واليقظة، كما رأى أنه وأصحابَه فى دار عُقبة بن رافِع، فأُتُوا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابَ، فأَوَّله بأن لهم الرفعةَ فى الدنيا، والعاقبةَ فى الآخرةِ، وأنَّ الدِّينَ الذى قد اختاره اللَّه لهم قد أرطب وطَابَ، وتَأوَّلَ سُهولة أمرِهم يومَ الحديبية مِن مجيئ سُهيل بن عمرو إليه.
وندب جماعة إلى حلب شاة، فقام رجلٌ يحلُبها، فقال: ((ما اسْمُكَ))؟ قال: مُرَّة، فقال: ((اجْلِسْ))، فَقَامَ آخَرُ فقال: ((ما اسْمُكَ))؟ قال: أظنه حَرْب، فقال: ((اجْلِسْ))، فَقَامَ آخرُ فقال: ((ما اسْمُكَ))؟ فقال: يَعِيشُ، فَقَال: ((احلُبها)).
@@@ [قال الشيخ ابن باز: الحديث ضعيف فسنده ليس بجيد]
وكان يكره الأمكِنةَ المنكرةَ الأسماء، ويكره العُبُورَ فيها، كمَا مَرَّ فى بعضِ غزواته بين جبلين، فسأل عن اسميهما فقالوا: فاضِحٌ ومُخزٍ، فعدلَ عنهما، ولَم يَجُزْ بينهما.
ولما كان بين الأسماء والمسميَّاتِ مِن الارتباط والتناسُبِ والقرابةِ، ما بين قوالب الأشياءِ وحقائِقها، وما بينَ الأرواحِ والأجسامِ، عَبَرَ العَقْلُ مِن كل منهما إلى الآخر، كما كان إياسُ بن معاوية وغيرُه يرى الشخصَ، فيقولُ: ينبغى أن يكونَ اسمُه كَيْتَ وكَيْتَ، فلا يكاد يُخطىءُ، وضِدُّ هذا العبور من الاسم إلى مسماه، كما سأل عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه رجلاً عن اسمه، فقال: جَمْرَةُ، فقال: واسمُ أبيك؟ قال: شِهَابٌ، قال: مِمَّن؟ قال: مِنَ الحُرَقَةِ، قال: فمنزلُك؟ قال: بِحرَّة النَّار، قال: فأينَ مسكنُكَ؟ قال: بِذَاتِ لَظَى. قال: اذهَبْ فقد احترق مسكنك، فذهب فوجد الأمرَ كذلك، فَعَبَرَ عمر من الألفاظ إلى أرواحها ومعانيها، كما عَبَرَ النبى صلى الله عليه وسلم من اسم سُهيل إلى سهولة أمرهم يَوْم الحُديبية، فكان الأمرُ كذلك،
@@@ [قال الشيخ ابن باز: وهذا من الفأل فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل وهو إعجابه بالكلمة الطيبة. وإذا كره الأنسان شيئاً فلم يرده عن حاجته فهذا لا شيء فيه أما إذا رده عن حاجته فهذا من الطيرة والتشاؤم وفعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما ترك المسير بين جبلين فهنا لم يحجم عن حاجته بل مضى فيها ولكنه غير طريقه]
¥