تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 06:12 م]ـ

@@@ مغرب الأحد 28/ 5 / 1413 هـ

وقد أمر النبىُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّته بتحسين أسمائهم، وأخبر أنهم يُدعَوْنَ يومَ القِيَامَةِ بها، وفى هذا - واللَّه أعلم - تنبيهٌ على تحسين الأفعال المناسبة لتحسين الأسماء، لتكون الدعوة على رؤوس الأشهاد بالاسم الحسنِ، والوصفِ المناسِبِ له.

وتأمل كيف اشتُقَّ للنبىِّ صلى الله عليه وسلم مِن وصفه اسمان مطابقان لمعناه، وهما أحمد ومحمَّد، فهو لكثرة ما فيه من الصفات المحمودة محمَّد، ولِشرفها وفضلها على صفات غيره أحمد، فارتبط الاسمُ بالمسمى ارتباطَ الروحِ بالجسد، وكذلك تكنيتُه صلى اللَّه عليه وسلم لأبى الحكم بن هشام بأبى جهل كنية مطابقة لوصفه ومعناه، وهو أحقُّ الخَلْقِ بهذه الكُنية، وكذلِك تكنيةُ اللَّه عَزَّ وجَلَّ لعبد العُزَّى بأبى لهب، لما كان مصيره إلى نار ذاتِ لهب، كانت هذه الكُنية أليقَ به وأوفقَ، وهو بها أحقُّ وأخلقُ.

ولما قَدِمَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم المدينة، واسمها يَثْرِبُ لا تُعرف بغير هذا الاسم، غيَّره بـ ((طيبة)) لمَّا زال عنها ما فى لفظ يثرِب من التثريب بما فى معنى طَيبة من الطِّيب، استحقت هذا الاسم، وازدادت به طيباً آخر، فأثَّر طِيبُها فى استحقاق الاسم، وزادها طِيباَ إلى طيبها.

ولما كان الاسمُ الحسنُ يقتضى مسمَّاه، ويستدعيه من قرب، قال النبى صلى الله عليه وسلم لبعض قبائل العرب وهو يدعوهم إلى اللَّه وتوحيده: ((يَابَنى عَبْد اللَّهِ، إنَّ اللَّهَ قَدْ حَسَّنَ اسْمَكُم واسْمَ أَبِيكُم)) فانظر كيف دعاهم إلى عبودية اللَّه بحسن اسم أبيهم، وبما فيه من المعنى المقتضى للدعوة، وتأمل أسماءَ الستة المتبارِزين يومَ بدر كيف اقتضى القَدَرُ

@@@ [قال الشيخ ابن باز: هذا فيه نظر والأولى أن يقال اقتضت رحمة الله أو حكمته]

مطابقة أسمائهم لأحوالهم يومئذ، فكان الكفارُ: شيبة، وعُتبةَ، والوليدَ، ثلاثة أسماء من الضعف، فالوليدُ له بداية الضعف، وشيبة له نهاية الضعف، كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً} [الروم: 54] وعُتْبة من العتب، فدلت أسماؤهم على عتبٍ يَحِلُّ بهم، وضَعْفٍ ينالُهم، وكان أقرانهم من المسلمين: علىٌ، وعبيدةُ، والحارِث، رضى اللَّه عنهم، ثلاثة أسماء تُناسب أوصافهم،

@@@ [قال الشيخ ابن باز: وكلامه هنا فيه نظر]

وهى العلو، والعبودية، والسعى الذى هو الحرث فعَلَوْا عليهم بعبوديتهم وسعيهم فى حرث الآخرة، ولما كان الاسم مقتضياً لمسماه، ومؤثِّراً فيه، كان أحبُّ الأسماءِ إلى اللَّهِ ما اقتضى أحبَّ الأوصاف إليه، كعبدِ اللَّه، وعبدِ الرحمن، وكان إضافةُ العبودية إلى اسم الله، واسم الرحمن، أحبَّ إليه من إضافتها إلى غيرهما، كالقاهر، والقادر، فعبدُ الرحمن أحبُّ إليه من عبد القادر، وعبدُ اللَّهِ أحبُّ إليه من عَبْدِ ربِّه، وهذا لأن التعلق الذى بين العبد وبين اللَّه إنما هو العبوديةُ المحضة، والتعلُّقُ الذى بين اللَّهِ وبينَ العبد بالرحمة المحضة، فبرحمته كان وجودُه وكمالُ وجوده، والغايةُ التى أوجده لأجلها أن يتألّه له وحده محبةً وخوفاً، ورجاءاً وإجلالاً وتعظيماً، فيكون عَبْداً لِلَّهِ وقد عبده لما فى اسم اللَّه من معنى الإلهية التى يستحيلُ أن تكون لغيره، ولما غلبت رحمتُه غضَبه وكانت الرحمةُ أحبَّ إليه من الغضب، كان عبدُ الرحمن أحبَّ إليه من عبد القاهر.

فصل

ولما كان كلُّ عبد متحركاً بالإرادة، والهمُّ مبدأُ الإرادة، ويترتب على إرادته حركتُه وكسبُه، كان أصدقَ الأسماء اسمُ همَّام واسمُ حارث، إذ لا ينفكُّ مسماهما عن حقيقة معناهما، ولما كان المُلْكُ الحقُّ لِلَّهِ وحده، ولا ملك على الحقيقة سواه، كان أخنع اسم وأوضَعه عند اللَّه، وأغضَبه له سمُ ((شاهان شاه)) أى: ملكُ الملوك، وسلطانُ السلاطين، فإن ذلك ليس لأحد غير اللَّه، فتسميةُ غيره بهذا من أبطل الباطل، واللَّه لا يُحب الباطلَ.

وقد ألحقَ بعض أهل العلم بهذا: ((قاضى القضاة)) وقال: ليس قاضى القضاة إلا مَن يقضى الحقّ وهو خيرُ الفاصلين، الذى إذا قضى أمراً فإنما يقول له: كن فيكون.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير