@@@ [قال الشيخ ابن باز: لأنه بمعنى حاكم الحكام ولكن لو قال قاضي قضاة الرياض فهو أخف فالمحذور هو الإطلاق]
ويلى هذا الاسم فى الكراهة والقبح والكذب: سيِّدُ الناس، وسيِّدُ الكل، وليس ذلك إلا لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خاصة، كما قال: ((أنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ)) فلا يجوز لأحد قطُّ أن يقول عن غيره: إنَّه سيِّدُ الناس وسيِّدُ الكل، كما لا يجوز أن يقول: إنَّه سيِّد ولدِ آدم.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 06:15 م]ـ
@@@ مغرب الأحد 5/ 6 / 1413 هـ
فصل
ولما كان مسمى الحربِ والمُرَّة أكرَه شئ للنفوس وأقبَحَها عندها، كان أقبحُ الأسماء حرباً ومُرَّة، وعلى قياس هذا حنظلة وحَزْن، وما أشبههما، وما أجدرَ هذه الأسماء بتأثيرها فى مسمياتها، كما أثَّر اسم ((حَزْن)) الحزونة فى سعيد بن المسيِّب وأهلِ بيته.
فصل
فى ندبه صلى الله عليه وسلم أُمَّته إلى التسمى بأسماء الأنبياء
ولما كان الأنبياءُ ساداتِ بنى آدم، وأخلاقُهم أشرفَ الأخلاق، وأعمالُهم أَصَحَّ الأعمال، كانت أسماؤهم أشرفَ الأسماء، فندب النبىُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّته إلى التسمى بأسمائهم، كما فى سنن أبى داود والنسائى عنه: ((تَسَمَّوْا بأَسْمَاءِ الأنْبِيَاءِ)) ولو لم يكن فى ذلك من المصالح إلا أن الاسمَ يُذَكِّرُ بمسمَّّاه، ويقتضى التعلُّقَ بمعناه، لكفى به مصلحةً مع ما فى ذلك من حفظ أسماء الأنبياء وذِكرها، وأن لا تُنسى، وأن تُذكِّر أسماؤُهم بأوصافهم وأحوالهم.
@@@ [قال الشيخ ابن باز: أشرف الاسماء ما عبّد لله عز وجل واسماء الانبياء حسنة ولكن إطلاقه فيه نظر حيث لا يلزم منها أن تكون أشرف الاسماء]
فصل
وأما النهى عن تسمية الغلام بـ: يسار وأفلحَ ونجيح ورباح، فهذا لمعنى آخر قد أشار إليه فى الحديث، وهو قوله: ((فإنك تقولُ: أَثَمَّتَ هو؟ فيُقال: لا)) - واللَّه أعلم - هل هذه الزيادة من تمام الحديث المرفوع، أو مدرجةٌ من قول الصحابى، وبكل حال فإن هذه الأسماء لما كانت قد تُوجب تطيُّراً تكرَهه النفوس، ويَصُدُّها عما هى بصدده، كما إذا قلت لرجل: أعندك يَسار، أو رَبَاح، أو أفلَح؟ قال: لا، تطيَّرت أنْتَ وهو مِن ذلك، وقد تقع الطِّيَرةُ لا سيما على المتطيِّرين، فقلَّ مَن تطيَّر إلا ووقعت به طِيرَتُه، وأصابه طائرُه، كما قيل:
تَعَلَّمْ أنَّه لاَ طَيْرَ إلاَّ عَلَى مُتَطَيِّرٍ فَهُو الثُّبُورُ
@@@ [قال الشيخ ابن باز: توقف النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا النهي فسمي من الصحابة نجيح ويسار ونافع وحكيم وغيرها فلعل النهي نسخ فتكون التسمية بها جائزة بلا كراهة وهو الصواب]
اقتضت حكمةُ الشارع، الرءوف بأُمَّته، الرحيمِ بهم، أن يمنعَهم من أسبابٍ تُوجب لهم سماعَ المكروه أو وقوعَه، وأن يعدل عنها إلى أسماء تُحَصِّلُ المقصودَ من غير مفسدة، هذا أولى، مع ما ينضاف إلى ذلك من تعليق ضد الاسم عليه، بأن يُسمى يساراً مَن هو مِن أعسر الناس، ونجيحاً مَن لا نجاح عنده، ورَبَاحاً مَن هو من الخاسرين، فيكون قد وقع فى الكذب عليه وعلى اللَّه، وأمر آخر أيضاً وهو أن يُطالَب المسمَّى بمقتضى اسمه، فلا يُوجد عنده، فيجعل ذلك سبباً لذمِّة وسبِّه، كما قيل:
سَمَّوْكَ مِنْ جَهْلِهِم سَدِيداً واللَّه ِ مَا فِيكَ مِن ْ سَدَادِ
أنتَ الَّذِى كَوْنُه فَسَاداً فِى عَالَمِ الكَوْنِ والفَسَادِ
فتوصل الشاعر بهذا الاسم إلى ذم المسمَّى به، ولى من أبيات:
وسَمَّيْتُه صَالِحَاً فاغْتَدَى بِضِدِّ اسْمِهِ فى الوَرَى سَائِراً
وَظَنَّ بأنَّ اسْمَهُ سَاتِرٌ لأوْصَافِهِ فَغَدَا شَاهِراً
وهذا كما أن من المدح ما يكون ذماً وموجِباً لسقوط مرتبة الممدوح عند الناس، فإنه يُمدح بما ليس فيه، فتُطالبه النفوسُ بما مُدِحَ به، وتظنّه عنده، فلا تجدهُ كذلك، فتنقلِبُ ذَمّاً، ولو تُرِكَ بغير مدح، لم تحصُلْ له هذه المفسدة، ويُشبه حاله حال مَن ولى وِلاية سيئة، ثم عُزِلَ عنها، فإنه تَنْقُصُ مرتبتُه عما كان عليه قبل الولاية، وينقُصُ فى نفوس الناس عما كان عليه قبلها، وفى هذا قال القائل:
إذَا مَا وَصَفْتَ امْرَءَاً لامْرئٍ فَلاَ تَغْلُ فى وَصْفِهِ وَاقْصِدِ
فَإنَّْكَ إنْ تَغْلُ تَغْلُ الظُّنُو نُ فيهِ إلى الأمَدِ الأَبْعَدِ
فَيَنْقُصُ مِنْ حَيْثُ عَظَّمْتَه لِفَضْلِ المَغِيبِ عَنِ المَشْهَدِ
وأمر آخر: وهو ظنُّ المسمى واعتقادُه فى نفسه أنه كذلك، فيقعُ فى تزكية نفسه وتعظيمها وترفُّعِهَا على غيره، وهذا هو المعنى الذى نهى النبىُّ صلى الله عليه وسلم لأجله أن تُسمى ((بَرَّة)) وقال: ((لا تُزَكُّوا أنْفُسَكُم، اللَّه أعْلَمُ بِأَهْلِ البِرِّ مِنْكُم)).
وعلى هذا فتُكره التسمية بـ: التَّقى، والمتَّقى، والمُطيعِ، والطائع، والراضى، والمُحسن، والمخلِص، والمنيب، والرشيدِ، والسديد. وأما تسميةُ الكفار بذلك، فلا يجوز التمكينُ منه، ولا دُعاؤُهُم بشئٍ من هذه الأسماء، ولا الإخبارُ عنهم بها، واللَّه عَزَّ وجَلَّ يغضَب مِن تسميتهم بذلك.
@@@ [قال الشيخ ابن باز: ينبغي أن يقتصد المرء في الأوصاف بالتقي والورع والزاهد لأنه قد يكون المزكى خلاف ما وٌصِفَ به أما الأسماء فالغالب أنه لا يقصد بها معناها وإنما المقصود بها التعريف فقط]
¥