تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحالة فما دام الصحابيُ صَرَّح بأنَّ الرسولَ (صلى الله عليه وسلم) قالَه فلا إشكالَ في حُجيتِه أيضًا.

ثم كون الإمام (أحمد) –رحمه الله- أسند 1696 حديثًا لعبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) في مسنده، لا يعني بالضرورة أنَّها كلَها صِحاحٌ (مقبولة)؛ بل علينا أولا أنَّ نُثبِتَ صِحَة سَنَدِها إلى (عبد الله بن عباس) -رضي الله عنهما-، ثم نُطبِقُ باقي شروط الصِحَة عليها (السلامة من الشذوذ والعِلة).

فما تحقق لنا صحتُه ولم يُصرِح فيه (ابن عباس) -رضي الله عنهما- بالسَّماع، فهو مِمّا سَمِعَه مِن أحد الصحابة أو التابعين -رضوان الله عليهم أجمعين-، وربما أخفي اسمَه في السَنَد وظَهَرَ في طريقٍ آخر، أو لم يَظْهَر؛ فكلهم عدولٌ ثِقات، وقد يكون (ابن عباس) أضمر اسم مَن حدثه من الصحابة؛ طالبًا علو السَنَد إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى لا يكونَ بينَهما أحدٌ؛ فهو شَرَفٌ أيُ شَرَف.

وبهذا يتضحُ حَلَ اللُّغز الذي لَغَز به (العشماوي) مِن أنَّ (ابن عباس) -رضي الله عنهما- لم يسمع من النبي (صلى الله عليه وسلم) سوى 20 حديثًا، ومع ذلك فقد روى له الإمام (أحمد) 1696 حديثًا في مسندِه!!!

وواللهِ إنَّ مَن يقرأ كلام (العشماوي) دون تدبُّرٍ ربما وَقَع في الغلَط واللغط على الأئمة، فعَليه مِنَ اللهِ ما يستحِق، وفي ذلك القَدْرِ الكِفاية، واللهُ المُستعان.

4 - قوله: "أبو هريرة –كذا- عاشر النبي (صلى الله عليه وسلم) عامًا وتسعة أشهر أي 21 شهرًا وقد روى عنه 5374 حديثًا خرج منها البخاري 446 حديثًا. وعن عائشة –كذا- زوج النبي –كذا- أنها قالت: "رحم الله أبا هريرة أساء سمًعا فأساء إجابة" (أي رواية) " اهـ ص/11.

قلتُ: استَهَلّ الكاتِبُ كلامَه بمُغالَطَةٍ تاريخية ظاهِرٌ عَوارُها؛ فأبو هريرة –رضي الله عنه- عَاشَرَ النبيَ (صلى الله عليه وسلم) ثلاث سنوات (36 شهرًا) على الأقل، لا 21 شهرًا كما يَزعُم الكاتِبُ!!! وهاك الدليلَ:

روى الإمامُ البخاري –رحمه الله- عَن (أبي هريرة) –رضي الله عنه- قال: "صَحِبْتُ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) ثلاث سنين لَم أكُنْ في سِنِيَّ أحْرَصَ على أن أعِيَ الحَديثَ مِنِّي فيهِنَّ ... " (ح 3591 فتح)؛ بل إنَّ (أبا هريرة) -رضي اللهُ عنه- صَحِب النَّبي –في الواقِع- أربع سنوات؛ [لأنَّه قدم في "خيبر" سنة سبع وكانت خيبر في صفر، ومات النبي (صلى الله عليه وسلم) في ربيع الأول سنة إحدى عشر؛ فتكون المدة أربع سنين وزيادة، وبذلك جزم [التابعيُّ الثِقَة] (حُمَيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِمْيَرِيِّ)؛ قال: صَحِبْتُ رَجُلا صَحِبَ النَّبيَّ (صلى الله عليه وسلم) كما صَحِبَه (أبو هُرَيْرَة) أرْبَع سِنين"]، أخرجه الإمام أحمد (16564) وأبو داود (81) والنَّسائي (238) بسند صحيح إلى حُمَيد، ولا يضُّر إبهام الرَّجُل لِسَبَين: لأنَّه في المَتن لا في السَّنَد، ولأنَّ الشاهِد لا علاقة له بالرجل المُبهَم فلا يضُر، والحمدُ لله.

والكاتِبُ –هنا- لم يُفصِح عن غايتِه مِن إيراد ما أوردَه بشأن الصَحابي الجليل (أبي هريرة) –رضي الله عنه؛ ولكن اللبيبَ يشَمُّ مِن كلامِه التعريضَ بسوء حفظه وروايته، ولَمزِه بالكَذِب؛ إذ –في رأي الكاتب- كيف رَوَى (أبو هريرة) –رضي الله عنه- هذا العدد الكبير مِن الأحاديث رغم أنَّه لم يُصاحِب النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) إلا 21 شهرًا –حسب كَذِب الكاتِب؟! ومع ذلك؛ فالكاتِب لم يأتي بِبِدْعًا مِن القول؛ فهو مُقَلِدٌ -ليس أكثر- لأجدادِه أمثال (النظام) و (المريسي) و (البلخي)، وإخوانِه المُستشرقين أمثال (جولدتسيهر) و (شبرنجر)، والشيعي الإمامي (عبد الحسين شرف الدين العاملي)، والذي سَفِه نفسَه (محمود أبي رية). فانظر إلى مَن يتخِذ الأسوة السيئة في الضَلال، وينعِقُ بما لا يَفهَم إلا كلامًا، وسَلِ الله السلامَة والثبات حتى الممات.

وانظُر –لِزامًا- للرّد على كلِ ما أثير عَن هذا الصَّحابي الجَليل، كِتابَ «أبو هُريرة راوية الإسلام» / للدكتور: مُحمَد عجاج الخَطيب –رَحِمَه الله، وهو مِن مَطبوعات "مكتبة وهبة"، بمصر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير