وكان من أبخل الناس مع يساره وكثرة ما جمع من الأموال وأبو العتاهية لقب غلب عليه لأنه كان يحب الشهوة والمجون فكنى بذلك لعتوه (211)
3 - قال أبو دلف قاسم بن عيسى العجلي صاحب الكرخ
ولو كنا إذا متنا تركنا @@@ لكان الموت راحة كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا @@@ ونسأل بعده عن كل شيء (225)
4 - وقال أبو الفتح بن الأثير في كتاب المثل السائر يصف أبا تمام والبحتري والمتنبي وهؤلاء الثلاثة هم لات الشعر وعزاه ومناته الذين ظهرت على أيديهم حسناته ومستحسناته وقد حوت أشعارهم غرابة المحدثين وفصاحة القدماء وجمعت بين الأمثال السائرة وكلمة الحكماء أما أبو تمام فرب معان وصيقل ألباب وأذهان وقد شهد له بكل معنى مبتكر لم يمش فيه على أثر فهو غير مدافع عن مقام الإغراب الذي يبرز فيه على الأضراب ولقد مارست من الشعر كل أول وأخير ولم أقل ما أقول فيه إلا عن تنقيب وتنقير فمن حفظ شعر الرجل وكشف عن غامضه وراض فكره برائضه أطاعته أعنة الكلام وكان قوله في البلاغة ما قالت حزام فخذ مني في ذلك قول حكيم وتعلم ففوق كل ذي علم عليم
وأما البحتري فإنه أحسن في سبك اللفظ على المعنى وأراد أن يشعر فغنى ولقد حاز طرفي الرقة والجزالة على الاطلاق فبينا يكون في شظف نجد حتى يتشبب بريف العراق وسئل أبو الطيب عنه وعن أبي تمام وعن نفسه فقال أنا وأبو تمام حكيمان والشاعر البحتري قال ولعمري لقد أنصف في حكمه وأعرب بقوله هذا عن متانة علمه فإن أبا عبادة أتى في شعره بالمعنى المقدود من الصخرة الصماء في اللفظ المصوغ من سلاسة الماء فأدرك بذلك بعد المرام مع قربه من الإفهام وما أقول إلا أنه أتى في معانيه بأخلاط الغالية ورقى في ديباجة لفظه إلى الدرجة العالية وأما أبو الطيب المتنبي فأراد أن يسلك مسلك أبي تمام فقصرت عنه خطاه ولم يعطه الشعر ما أعطاه لكنه حظى في شعره بالحكم والأمثال واختص بالإبداع في وصف مواقف القتال قال وأنا أقول قولا لست فيه متأثما ولا منه متثلما و ذلك أنه إذا خاض في وصف معركة كان لسانه أمضى من نصالها وأشجع من أبطالها وقامت أقواله للسامع مقام أفعالها حتى تظن الفريقين فيه تقابلا والسلاحين فيه تواصلا وطريقه في ذلك يضل بسالكه ويقوم بعذر تاركه ولا شك أنه كان يشهد الحروب مع سيف الدولة بن حمدان فيصف لسانه وما أداه إليه عيانه ومع هذا فأني رأيت الناس عادلين فيه عن سنن التوسط فأما مفرط فيه وأما مفرط وهو وأن انفرد في طريق وصار أبا عذره فأن سعادة الرجل كانت أكبر من شعره وعلى الحقيقة و فأنه كان خاتم الشعراء ومهما وصف به فهو فدق الوصف وفرق الإطراء (213)
5 - وكان أبو تمام قد قصد البصرة في جماعة من اتباعه وبه شاعرها عبد الصمد بن المعدل فخاف عبد الصمد أن يميل الناس إليه فكتب إليه قبل قدومه
أنت بين اثنتين تبرز للناس @@@ وكلتاهما بوجه مذال
أي ماء يبقى بوجهك هذا @@@ بين ذل الهوى وذل السؤال
فلما وقف عليه رجع وكتب على ظهر ورقته
أفي تنظم قول الزور والفند @@@ وأنت أنقص من لاشيء في العدد
أسرجت قلبك من غيظ على حنق @@@ كأنها حركات الروح في الجسد
أقدمت ويحك من هجوي على خطر @@@ كالعير يقدم من خوف على الأسد
قيل أن العير إذا شم رائحة الأسد وثب عليه فزعا
ومدح أبو تمام الخليفة بحضرة أبي يوسف الفيلسوف الكندي فقال
إقدام عمر في سماحة حاتم @@@ في حلم أحنف في ذكاء إياس
ومن شعره
لولا العيون وتفاح الخدود إذاً @@@ ما كان يحسدُ أعمى من له بصر
قالوا أتبكي على رسم فقلت لهم @@@ من فاته العين يذكي شوقه الأثر
إن الكرام كثير في البلاد وإن @@@ قلوا كما غيرهم قل وإن كثروا (231)
6 - وقال ابن الأهدل قيل إن أم المنتصر بالله جاءته عائدة فبكى وقال يا أماه عاجلت أبي فعوجلت ثم أنشأ يقول
فما فرحت نفسي بدنيا أخذتها @@@ ولكن إلى الملك القدير أصير
ومالي شيء غير أني مسلم @@@ بتوحيد ربي مؤمن وخبير (248)
¥