21 - أبو الوليد الباجي سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب التجيبي القرطبي بالمرية في رجب عن إحدى وسبعين سنة روى عن يونس بن عبد الله بن مغيث ومكى بن أبي طالب وجاور ثلاثة أعوام ولازم أبا ذر الهروي وكان يمضي معه إلى السراة ثم رحل إلى بغداد والى دمشق وروى عن عبد الرحمن ابن الطيوري وطبقته بدمشق وابن غيلان وطبقته ببغداد وتفقه علي أبي الطيب الطبري وجماعة وأخذ الكلام بالموصل عن أبي جعفر السمناني وسمع الكثير وبرع في الحديث والفقه والأصول والنظر ورد إلى وطنه بعد ثلاث عشرة سنة بعلم جم مع الفقر والقناعة كان يضرب ورق الذهب للغزل ويعقد الوثائق ثم فتحت عليه الدنيا وأجزلت صلاته وولى قضاء أماكن وصنف التصانيف الكثيرة
قال أبو علي بن سكرة ما رأيت أحدا على سمته وهيئته وتوقير مجلسه قاله في العبر وقال ابن خلكان كان من علماء الأندلس وحفاظها سكن شرق الأندلس ورحل إلى المشرق سنة ست وعشرين وأربعمائة فأقام بمكة مع أبي ذر الهروى ثلاثة أعوام وحج فيها أربع حجج ثم رحل إلى بغداد وأقام بها ثلاثة أعوام يدرس الفقه ويملي الحديث ولقى بها سادة من العلماء كأبي الطيب الطبري وأبي إسحق الشيرازي وأقام بالموصل مع أبي جعفر السمناني عاما يدرس عليه الفقه وكان مقامه بالمشرق نحو ثلاثة أعوام وروى عن الحافظ أبي بكر الخطيب وروى الخطيب أيضا عنه وقال أنشدني أبو الوليد الباجي لنفسه
إذا كنت أعلم علما يقينا @@@ بأن جميع حياتي كساعه
فلم لا أكون ضنينا بها @@@ واجعلها في صلاح وطاعه
وصنف كتبا كثيرة منها التعديل والتجريح فيمن روى عنه البخاري في الصحيح وغير ذلك وممن أخذ عنه أبو عمر بن عبد البر صاحب الاستيعاب وبينه وبين ابن حزم الظاهري مناظرات ومجالس
انتهى ملخصا وقال ابن ناصر الدين أنكروا عليه في قصة حديثه الكتابة وشنعوا عليه ذلك وقبحوا عند العامة جوابه وقال قائلهم
برئت ممن شرى دنيا بآخرة @@@ وقال أن رسول الله قد كتبا (474)
22 - الشيخ أبو اسحاق الشيرازي إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزا باذى الشافعي جمال الدين أحد الأعلام وله ثلاث وثمانون سنة تفقه بشيراز وقدم بغداد وله اثنتان وعشرون سنة فاستوطنها ولزم القاضي أبا الطيب إلى أن صار معيده في حلقته وكان انظر أهل زمانه وأفصحهم وأورعهم وأكثرهم تواضعا وبشرا وانتهت إليه رياسة المذهب في الدنيا روى عن أبي علي بن شاذان والبرقاني ورحل إليه الفقهاء من الاقطار وتخرج به أئمة كبار ولم يحج ولا وجب عليه لأنه كان فقيرا متعففا قانعا باليسير ودرس بالنظامية وله شعر حسن توفي في الحادي والعشرين من جمادى الآخرة
قال الشيخ أبو اسحاق كنت أعيد كل قياس ألف مرة فإذا فرغت أخذت قياسا آخر على هذا وكنت أعيد كل درس مائة مرة وإذا كان في المسألة بيت يستشهد به حفظت القصيدة التي فيها البيت وكانت الطلبة ترحل من الشرق والغرب إليه والفتاوي تحمل من البر والبحر إلى بين يديه قال رحمه الله لما خرجت في رسالة الخليفة إلى خراسان لم أدخل بلدا ولا قرية إلا وجدت قاضيها أو خطيبها أو مفتيها من تلامذتي وبنيت له النظامية ودرس بها إلى حين وفاته ومع هذا فكان لا يملك شيئا من الدنيا بلغ به الفقر حتى كان لا يجد في بعض الأوقات قوتا ولا لباسا وكان طلق الوجه دائم البشر كثير البسط حسن المجالسة يحفظ كثيرا من الحكايات الحسنة والأشعار
إذا شئت أن تحيا ودينك سالم @@@ وحظك موفور وعرضك صين
لسانك لا تذكر به عورة امرئ @@@ فعندك عورات وللناس ألسن
وعينك أن أبدت إليك معايبا @@@ لقوم فقل يا عين للناس أعين
وصاحب بمعروف وجانب من اعتدى @@@ وفارق ولكن بالتي هي أحسن (476)
23 - عبد الله بن أحمد بن عبد الوهاب بن جلبة البغدادي ثم الحراني الخزاز أبو الفتح قاضي حران اشتغل ببغداد وتفقه بها على القاضي أبي يعلى وسمع الحديث من البرقاني وأبي طالب العشاري وأبي علي بن شاذان وغيرهم ثم استوطن حران وصحب بها الشريف أبا القسم الزيدي وأخذ عنه وتولى بها القضاء قال عنه ابن السمعاني كان فقيها واعظا فصيحا وقال ابن أبي يعلى كان يلي قضاء حران من قبل الوالد كتب له عهدا بولاية القضاء بحران وكان ناشر للمذهب داعيا إليه وكان مفتي حران وواعظها وخطيبها ومدرسها وقال ابن رجب له تصانيف كثيرة وسمع منه جماعة منهم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي ومكي الدميلي وغيرهما وفي زمانه كانت حران لمسلم بن قريش صاحب الموصل وكان رافضيا فعزم القاضي أبو الفتج على تسليم حران إلى حبق أمير التركمان لكونه سنيا فأسرع ابن قريش إلى حران وحصرها ورماها بالمجانيق وهدم سورها وأخذها ثم قتل القاضي أبا الفتح وولديه وجماعة من أصحابه وصلبهم على السور وقبورهم بحران تزار رحمه الله عليهم وذكر ابن تيميه في شرح العمدة أن أبا الفتح بن جلبة كان يختار استحباب مسح الأذنين بماء جديد بعد مسحهما بماء الرأس وهو غريب جدا (476)
¥