تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَكُلُّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا بِعِشْقِ أَوْ غَيْرِ عِشْقٍ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ عَنْ مَحَبَّتِهِ بِمَحَبَّةِ مَا هُوَ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْهُ إذَا كَانَ يُزَاحِمُهُ وَيَنْصَرِفُ عَنْ مَحَبَّتِهِ بِخَوْفِ حُصُولِ ضَرَرٍ يَكُونُ أَبْغَضَ إلَيْهِ مِنْ تَرْكِ ذَاكَ الْحُبِّ فَإِذَا كَانَ اللَّهُ أَحَبَّ إلَى الْعَبْدِ مَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَأَخْوَفَ عِنْدَهُ مَنْ كُلِّ شَيْءٍ لَمْ يَحْصُلْ مَعَهُ عِشْقٌ، وَلَا مُزَاحَمَةٌ إلَّا عِنْدَ غَفْلَةٍ، أَوْ عِنْدَ ضَعْفِ هَذَا الْحُبِّ وَالْخَوْفِ بِتَرْكِ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ وَفِعْلِ بَعْضِ الْمُحَرَّمَاتِ، فَإِنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ، فَكُلَّمَا فَعَلَ الْعَبْدُ الطَّاعَةَ مَحَبَّةً لِلَّهِ وَخَوْفًا مِنْهُ وَتَرَكَ الْمَعْصِيَةَ حُبًّا لَهُ وَخَوْفًا مِنْهُ قَوِيَ حُبُّهُ لَهُ وَخَوْفُهُ مِنْهُ فَيُزِيلُ مَا فِي الْقَلْبِ مِنْ مَحَبَّةِ غَيْرِهِ وَمَخَافَةِ غَيْرِهِ.

ص147: جَاءَ فِي الْأَثَرِ " إذَا قَالُوا لِلْمَرِيضِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ يَقُولُ اللَّهُ: كَيْفَ أَرْحَمُهُ مِنْ شَيْءٍ بِهِ أَرْحَمُهُ " وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْمَرَضُ حِطَّةٌ يَحُطُّ الْخَطَايَا عَنْ صَاحِبِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ الْيَابِسَةُ وَرَقَهَا}.

ص 183: وَاَللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي الْقُرْآنِ " الْهَجْرَ الْجَمِيلَ " و " الصَّفْحَ الْجَمِيلَ " و " الصَّبْرَ الْجَمِيلَ ". وَقَدْ قِيلَ: إنَّ " الْهَجْرَ الْجَمِيلَ " هُوَ هَجْرٌ بِلَا أَذًى. وَالصَّفْحَ الْجَمِيلَ صَفْحٌ بِلَا مُعَاتَبَةٍ. وَالصَّبْرَ الْجَمِيلَ صَبْرٌ بِغَيْرِ شَكْوَى إلَى الْمَخْلُوقِ؛ وَلِهَذَا قُرِئَ عَلَى أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ فِي مَرَضِهِ أَنَّ طاوسا كَانَ يَكْرَهُ أَنِينَ الْمَرِيضِ وَيَقُولُ: إنَّهُ شَكْوَى فَمَا أَنَّ أَحْمَد حَتَّى مَاتَ. وانظر ص666.

ص 189: ... وَهَكَذَا أَيْضًا طَالِبُ الْمَالِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَعْبِدُهُ وَيَسْتَرِقُّهُ وَهَذِهِ الْأُمُورُ نَوْعَانِ:

(مِنْهَا) مَا يَحْتَاجُ الْعَبْدُ إلَيْهِ كَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَمَسْكَنِهِ ومنكحه وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذَا يَطْلُبُهُ مِنْ اللَّهِ وَيَرْغَبُ إلَيْهِ فِيهِ فَيَكُونُ الْمَالُ عِنْدَهُ يَسْتَعْمِلُهُ فِي حَاجَتِهِ بِمَنْزِلَةِ حِمَارِهِ الَّذِي يَرْكَبُهُ وَبِسَاطِهِ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ؛ بَلْ بِمَنْزِلَةِ الْكَنِيفِ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ حَاجَتَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَعْبِدَهُ فَيَكُونُ هَلُوعًا إذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا؛ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا. [نحوه ص663]

و (مِنْهَا) مَا لَا يَحْتَاجُ الْعَبْدُ إلَيْهِ فَهَذِهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَلِّقَ قَلْبَهُ بِهَا؛ فَإِذَا تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِهَا صَارَ مُسْتَعْبَدًا لَهَا؛ وَرُبَّمَا صَارَ مُعْتَمِدًا عَلَى غَيْرِ اللَّهِ فَلَا يَبْقَى مَعَهُ حَقِيقَةُ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَلَا حَقِيقَةُ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ؛ بَلْ فِيهِ شُعْبَةٌ مِنْ الْعِبَادَةِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَشُعْبَةٌ مِنْ التَّوَكُّلِ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ وَهَذَا مِنْ أَحَقِّ النَّاسِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ؛ تَعِسَ عَبْدُ الْقَطِيفَةِ؛ تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيصَةِ} وَهَذَا هُوَ عَبْدُ هَذِهِ الْأُمُورِ فَلَوْ طَلَبَهَا مِنْ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ إذَا أَعْطَاهُ إيَّاهَا رَضِيَ؛ وَإِذَا مَنَعَهُ إيَّاهَا سَخِطَ وَإِنَّمَا عَبْدُ اللَّهِ مَنْ يُرْضِيهِ مَا يُرْضِي اللَّهَ؛ وَيُسْخِطُهُ مَا يُسْخِطُ اللَّهَ؛ وَيُحِبُّ مَا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَيُبْغِضُ مَا أَبْغَضَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ وَيُوَالِي أَوْلِيَاءَ اللَّهِ وَيُعَادِي أَعْدَاءَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ.

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 08 - 06, 03:33 م]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير