تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[ابو انس المكي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 06:56 ص]ـ

السؤال الأول:

ما الطرق التي يستطيع بها طالب العلم أن يضبط العلم؟

الجواب:

بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمابعد:

ما أسهل السؤال وما أصعب الجواب، يعني السؤال سهل أن تسأل ما هي الطرق التي يضبط بها طالب العلم، لو نجلس إلى الفجر، لو نجلس عشرات الدروس ما نستطيع أن نلم بهذه الطرق، ولذلك أشفق في السؤال يعني يشفق السائل ولا يبالغ في سؤاله بكل اختصار.

أولاً: ما ذكرناه أن يكون بينك وبين الله ما يرضى الله عنك، الطرق التي تقفي بك إلى العلم الصحيح النافع أن تبدأ بإصلاح ما بينك وبين الله.

ثانياً: عالم أخذ العلم عن أهله واتصل سنده إلى رسول الله- r- ، حتى تأخذ العلم موروثاً.

ثالثاً: أن تضبط ما تقرأه على ذلك العالم، تضبط ضبطاً تاماً، تقرأ قبل أن تحضر المتن مرتين ثلاثة أربعة، حينما يجري هذا العلم في دمك وعرقك، حينما يجري مع روحك ويصبح معك، تعرف حلال الله وحرامه، وتتفاعل مع هذه الأحكام كل حكم عزيز عندك، عندها تستطيع أن تبني علماً صحيحاً، وتعرف قيمة هذا العلم، وتعتز به وتتمسك به لأنه من الوحي من كتاب الله وسنة النبي- r- ، فإذا بدأت تضبط وتقرأ قبل أن تجلس وتتعب المرتين الثلاثة الأربع لا تسأم ولا تمل، فمن كانت له بداية محُرقة كانت له نهاية مشرقة، فتتعب في طلب العلم، ولذلك ما عَلّم الله أحداً إلا بعد أن ابتلاه واختبره- I- ، رسول الأمة-عليه الصلاة والسلام- ما أوحى إليه حتى أخذه جبريل وغطه ورأى الموت، وقال له: اقراء، قال: ما أنا بقارئ، فأخذه حتى رأى الموت ثلاث مرات ثم أوحى إليه، وكان إذا نزل الوحي على رسول الله- r- يتفصد عرقاً في شدة البرد والشتاء، ونزل الوحي وهو على بعير فبرك البعير وكاد أن يموت البعير من شدة ما يجد-عليه الصلاة والسلام-، وهذا بعير وهو تحت النبي- r- فما بالك برسول الأمة- r- ، وكان إذا نزل عليه الوحي كما في الصحيحين من حديث صفوان بن يعلى بن أمية- t وعن أبيه-، أنه يغط كغطيط البكر من شدة ما يجد، فإذا كان تمضي إلى حلق العلم وقد تعبت وسهرت وأضنيت جهدك وأنت تقرأ وتضبط، غداً تخرج إلى الناس بنور وعلم مضبوط وأصل صحيح، وتخرج للناس ويخرجك ربك، لأن الله اطلع على ما كان منك تعب، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} أي والله لنهدينهم سبلنا، متى إذا جاهدوا، والجهاد التعب والاجتهاد وبذل غاية الوسع والطاقة في تحصيل الأمر، فالعلم لا يأتي بالتشهي ولا بالتمني، ولا يأتي بالدعاوى العريضة الشخص يحس أنه كأنه شيخ الإسلام ومفتي الأنام، مغرور بنفسه، لا من يأتي بجد واجتهاد وتعب، قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: ذللت طالباً وعززت مطلوباً، فإذا أكثرت من قراءة العلم وأصبح العلم في ليلك ونهارك وصبحك ومساءك، وأصبحت مسائل العلم هي أشجانك، وهي أفكارك، وهي أحاسيسك ووجدانك، عندها تجد بركة هذا العلم، وتخرج للأمة بعلم صحيح.

ثانياً: بعد أن تصلح ما بينك وبين الله وتضبط العلم بالقراءة، تأتي إلى مجالس العلم معظماً للعلم معظماً للعلماء، من جلس في مجالس العلم يعرف قيمة ماذا يُقال، يقدر كل كلمة، ويبحث عن كل شاردة، ويفرح بكل حكمة، عندها يكون العلم عزيزاً في قلبه، وإذا جلس شارد الذهن يريد أن يقضي الوقت، يريد أن يذهب عنه الوقت، فعندها لا يبالي الله بمن لا يبالي بدينه وشرعه، لابد أن يكون طالب العلم في مجلس العلم يحرص على كل كلمة صغيرة وكبيرة، يبحث عن الحكمة، كان الإمام أبو عبيدة القاسم بن سلام الجحمي-رحمه الله- آية من آيات الله في العلم والعمل، أن نظرت إليه في التفسير فهو حجه في تفسير كتاب الله- U - ، ويستشهد بتفسيره ويعتمد قوله حتى كان رأساً في علم الفقه، فقيها محدثاً في علم الحديث والرواية عن رسول الله- r- ، وفي علم القراءات وفي علم اللغة والشواهد، كان آية من آيات الله-رحمة الله عليه-، هذا العالم الجليل يذكر عن نفسه أنه كان يجد ويتعب وينصب في نهاره حتى يمسي عليه الليل، وهو أشد ما يكون تعباً وإعياً، حتى إذا وجد العالم، فذكر له الحكمة الواحدة، والفائدة الواحدة، يقول:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير