تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعد هذا المرتبة الثانية: مرتبة الكمالات، وهي أن يحرص طالب العلم على أن يكون بينه وبين الله سر من الأعمال الصالحة، التي أعظمها وأجلُّها التقرب إلى الله بتوحيده، فلا تمر عليه لحظة إلا وهو يتفكر، ولا تمر عليه برهة إلا وهو يتدبر، حاضر القلب ينظر في ملكوت الرب، منيباً إلى الله مخبتاً إلى الله، لا يكون مع الغافلين، دائماً قلبه حي، دائماً يقول كنت وضيعاً فرفعني ربي، وكنت ضعيفاً فقواني ربي، وكنت مريضاً فشفاني ربي وكنت، وكنت دائماً يراقب نعم الله- U- عليه، ولا ينظر إلى شيء إلا يعتبر ولا يبصر شيء إلا ينيب ويدكر، يحي قلبه ويكون طالب علم حتى ينال المراتب العلى في علمه، فإذا وطن طالب العلم نفسه من البدايات بهذه الكمالات انشرح صدره لكل خير، فيسعى للكمالات فالاثنين والخميس لا يفوته صيامهما، وصيام البيض من كل شهر لا يفوته صيامها، وقيام الليل لا يمكن أن يترك قيام الليل مهما كان الأمر، لأنه سلاحه وعدته، فيحرص على أن يكون قائم الليل، حتى أن الإمام أحمد لما بات عنده بعض طلبة العلم وضع له وضوءه، فلما أصبح-رحمه الله- ووجد الماء لم يتغير تأسف، وقال: طالب علم لا يقوم الليل، يعني ندم وسقط من عينه، لكن تحرص إذا كنت مع الغير وخفت الفتنة تحرص على أنه لا يشعر بصلاحك، إلا إذا علمت أنك ما تفتن، وعلمت أنه لا يفتن هو بالغلو فيك وتعظيمك هذا شيء آخر، ولكن أحرص دائماً على أن يكون بينك وبين الله سر، خلواتك تتذكر فيها ذنوبك فتبكي، فطالب العلم أكثر الناس خلوة مع نفسه تفيض عيناه خشية لربه، أكثر الناس في خلواته يجلس ويتفكر، فإذا بكى في سره أبكى الله العيون منه في علانيته، وإذا خشع في سره أظهر الله زكاة قلبه ونفسه إذا خرج للناس، وثق ثقة تامة أن الله لا تخفى عليه خافية، وأن من كان صالحاً في سره أظهر الله في الناس حبه وإكرامه، وكانوا يقولون: إن الخشية لله تورث الهيبة بين الناس والمحبة، فطالب العلم إذا وطن نفسه على هذه الكمالات والأعمال الصالحة شرح الله صدره، لا يمكن أن تمر عليه ثلاثة أيام إلاَّ وهو خاتم للقرآن، لا تمر عليه آية إلا ويتدبرها ويتأثر بها، فالحرص على هذه الأمور مهمة جداً.

الأمر الثالث: البعد عن المعاصي، ولا نقول المعاصي واضحة الأمور المحرمة واضحة، ولكن المشكلة أن تكون المعاصي يدخل الشيطان فيها على طالب العلم من حيث لا يدري، الغيبة اللمز الهمز احتقار الناس، يكون طالب علم وهو يحتقر ناس لألوانهم وهو لا يدري ويظن أنه في الكمال، ويلمز بعض الأخيار وقد يلمز علماء وهو لا يدري، لأنه ألف هذه المعاصي-نسأل الله العافية- حتى لربما أخذت حسناته في العلم، فلا يأخذ نفسه إلا بزمام التقوى، يعرف ما الذي يقوله ما الذي يفعل، ويحذر من معصية الله- U- ، ويكون أشد الحذر من ذلك، فإذا جمع الله لطالب العلم بين هذا مازال يرتقي من فلاح إلى فلاح، ومن صلاح إلى صلاح، حتى يكتب الله له حسن العاقبة بالربح والنجاح، جعلنا الله وإياكم هداة مهتدين.

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحمَْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَميْنَ وصلَّى اللَّهُ وسلَّم وبارك على عبده ونبيّه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـ[ابو انس المكي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 06:58 ص]ـ

السؤال الأول:

هل مجالس مدارسة المسائل العلمية والمحاضرات تدخل في الحديث أنه تتنزل عليهم السكينة وتغشاهم الرحمة؟

الجواب:

بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمابعد:

الأحاديث الخاصة تبقى على خصوصها، والأحاديث العامة تبقى على عمومها، فالحديث يقول: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) فقال: ((ما اجتمع))، فخرج الانفراد، ولاحظ ((اجتمع)) حتى كان بعض مشايخنا في حلق العلم يكره للشخص أن ينفرد بعيد عن الحلقة، البعض يأتي إلى الحلقة فيجلس بعيداً، لأنه قال: ((اجتمع))، ليس من الجماعة لأن الاجتماع الانضمام، انضمام الشيء إلى الشيء، فالحديث يشترط أول شيء الاجتماع، ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله)) الذي هو المسجد {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير