(الأصل التاسعُ: في الأسماءِ المكروهةِ: يمكنُ تصنيفها على ما يلي:
1. تُكرهُ التَّسميةُ بما تنفُرُ منهُ القلوبُ؛ لمعانيها، أو ألفاظِها، أو لأحدِهما؛ لما تُثيرهُ مِن سُخريةٍ وإحراجٍ لأصحابِها وتأثيرٍ عليهم؛ فضلاً عن مُخالفةِ هدي النبي ? بتحسين الأسماءِ:
ومنها: حرْب، مُرَّة، خنْجر، فاضِح، فحيط، حطيحط، فدْغوش ... وهذا في الأعرابِ كثيرٌ، ومن نظر في دليل الهواتفِ رأى في بعضِ الجهاتِ عجباً!
ومنها: هُيام وسُهام؛ بضم أولهما: اسم لداء يُصيب الإبل.
ومنها: رُحاب وعفلق، ولكل منهما معنىً قبيحٌ.
ومنها: نادية؛ أي: البعيدة عن الماء.
2. ويُكرهُ التسمِّي بأسماءٍ فيها معانٍ رخوةٌ شهوانيةٌ، وهذا في تسمية البناتِ كثيرٌ، ومنها: أحلام، أريج، عبير، غادة (وهي التي تتثنَّى تيهاً ودلالاً)، فتنة، نهاد، وِصال، فاتن (أي: بجمالها) شادية، شادي (وهما بمعنى المُغنِّية).
3. ويُكرهُ تعمُّدُ التَّسمِّي بأسماءِ الفُساقِ الماجنين من الممثِّلين والمطربين وعُمَّارِ خشباتِ المسارحِ باللهوِ الباطلِ.
ومن ظواهر فراغ بعض النفُّوسِ مِن عزَّةِ الإيمان ِ: أنهم إذا رأوْه مسرحيةً فيها نسوةٌ خليعاتٌ؛ سارعوا مُتهافتين إلى تسميةِ مواليدِهم عليها، ومن رأى سجِلاَّتِ المواليدِ التي تُزامِنُ العرض؛ شاهد مصداقيَّة ذلك ... فإلى اللهِ الشكوى.
4. ويُكرهُ التسميةُ بأسماءٍ فيها معانٍ تدلُّ على الإثمِ والمعصيةِ؛ كمثلِ (ظالم بن سرّاق)، فقد ورد أنَّ عثمان بن أبي العاصِ امتنع عن توليةِ صاحبِ هذا الاسمِ لمَّا علم أنَّ اسمه هكذا؛ كما في ((المعرفة والتاريخ)) (3/ 201) للفسوي.
5. وتُكرهُ التسميةُ بأسماءِ الفراعنةِ والجبابرة ومنها: فِرعونُ، قارونُ، هامانُ ...
6. ومنهُ التَّسميةُ بأسماءٍ فيها معانٍ غيرُ مرغوبةٍ؛ كمثلِ: (خبِيَّة بن كنَّاز)؛ فقد ورد أن عمر رضي اللهُ عنهُ قال عنهُ: ((لا حاجة لنا فيهِ؛ هُو يخبِّئُ، وأبوهُ يكنزُ))؛ كما في ((المؤتلف والمختلف)) (4/ 1965) للدار قطني.
7. ويُكرهُ التسمِّي بأسماءِ الحيواناتِ المشهورةِ بالصِّفاتِ المستهْجنةِ، ومنها التَّسميةُ بما يلي: حنش، حِمار، قُنْفذ، قُنيفذ، قِرْدان، كلْب، كُليب.
والعربُ حين سمَّت أولادها بهذه؛ فإنَّما لما لحِظتْهُ مِن معنى حسنٍ مرادٍ: فالكلبُ لما فيهِ من القيظةِ والكسْب، والحمارُ لما فيه مِن الصَّبر والجلد، وهكذا ... وبهذا بطل غمْزُ الشُّعوبيَّةِ للعربِ كما أوضحهُ ابنُ دُريدٍ وابنُ فارسِ وغيرُهما.
8. وتُكرهُ التَّسميةُ بكُلِّ اسمٍ مُضافٍ مِن اسمٍ أو مصدرٍ أو صفةٍ مُشبَّهة مضافةٍ إلى لفظِ (الدينِ) ولفظ (الإسلام)؛ مثل: نور الدين، ضياء الدين، سيف الإسلام، نور الإسلام .. وذلك لعظيمِ منزلةِ هذين اللفظين (الدين) و (الإسلام)، فالإضافةُ إليهما على وجْهِ التَّسميةِ فيها دعوى فجَّةٌ تُطِلُّ على الكذبِ، ولهذا نصَّ بعضُ العلماءِ على التَّحريمِ، والأكثرُ على الكراهةِ؛ لأنَّ منها ما يوهِمُ معاني غير صحيحةٍ ممَّا لا يجوزُ إطلاقُه، وكانت في أوَّلِ حدوثها ألقاباً زائدةُ عن الاسمِ، ثم استُعْمِلتْ أسماءً.
وقد يكونُ الاسمُ من هذه الأسماء منهيّاً عنهُ من جهتينِ؛ مثلُ شهابِ الدين؛ فإنَّ الشهابَ: الشُّعلةُ مِن النَّارِ، ثم إضافةُ ذلك إلى الدِّينِ، وقد بلغ الحالُ في إندونيسيا التسمية بنحوِ: ذهبِ الدِّينِ، ماسِ الدِّين!
وكان النوويُّ – رحمه الله تعالى – يكرهُ تلقيبهُ بمُحيي الدِّين، وشيخُ الإسلام ابنُ تيمية – رحمه الله تعالى – يكْرهُ تلقيبهُ بتقيِّ الدِّين، ويقولُ: ((لكنَّ أهْلي لقَّبوني بذلك فاشتهر)).
وقد بيَّنْتُ ذلك في ((تغريب الألقاب)).
وأوَّلُ منْ لُقِّب في الإسلامِ بذلك هُو بهاءُ الدَّولةِ ابنُ بُويْه (رُكْن الدِّين) في القرن الرابع الهجري.
ومن التَّغالي في نحوِ هذه الألقابِ: زين العابدين، ويختصرونه بلفظ (زيْنل) وقسَّام علي، ويختصرونه بلفظ: (قسْملي).
وهكذا يقولون – وبخاصَّةٍ لدى البغادِدة – في نحو: سعدِ الدِّينِ، عِزِّ الدِّينِ، علاءِ الدِّينِ: سعْدي، عِزِّي، علائي.
¥