تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله: (ما أقول؟ قال: قولي: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني") خصها بهذا الدعاء: "اللهم إنك عفو) فهذا فيه أيضا مشروعية طلب العفو , اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني - وعفوه -سبحانه وتعالى- يتضمن مغفرته، يتضمن محو الذنب وستره وإزالته، يعني: لا يكون بستره فقط، لا بل يتضمن الستر وإزالة الذنب منه سبحانه وتعالى لعبده وهذا الدعاء يشرع في هذه الليلة وفي غيرها، لكن يتأكد في هذه الليلة، وتكراره في هذه الليلة.

ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[08 - 09 - 06, 05:35 م]ـ

707 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {لَا تُشَدُّ اَلرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ, وَمَسْجِدِي هَذَا, وَالْمَسْجِدِ اَلْأَقْصَى} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

خبر أبي سعيد الخدري جاء له شاهد أيضا من طريق أبي هريرة، وفي حديث أبي بصرة أنه قال: (لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد).

ولما جاء أبو هريرة من عند الطور لقيه أبو بصرة فقال له: من أين جئت؟ قال: من عند الطور. قال: لو علمت بك، أو لو أدركتك قبل أن تخرج لبينت لك. أو قال: لمنعتك. أو كما قال رضي الله عنه ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى).

وهذا الحديث جاء بلفظ عند مسلم: (لا تشدوا) بلفظ النهي، وجاء بلفظ الخبر: (لا تشد) وجاء بلفظ الخبر، وبلفظ النهي: "لا تشد، ولا تشدوا" جميعًا، "لا تشد، لا تشدوا" بلفظ النهي وبلفظ الخبر

(إلا إلى ثلاثة مساجد) وهذا له شواهد أخرى من جهة أنه لا يجوز تعظيم البقاع فالبقاع والأماكن والقبور والأماكن المحررة المعظمة، لا يشد الرحل إلا إلى ما جاءت السنة فيه، وهذا المعنى تواترت فيه النصوص: في النهي عن تعظيم القبور والسفر إليها، وشد الرحل إليها.

وثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس، ومن حديث عائشة، ومن حديث أبي هريرة، ومن حديث أبي سلمة وغيرهم، في لعن اليهود والنصارى، قال: (لعن الله اليهود والنصارى) وفي لفظ: (قاتل الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وفي لفظ: (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم…) وفي اللفظ الآخر عند مسلم: (وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد).

وفي مسلم عن جندب، أنه كان -عليه الصلاة والسلام- قال قبل أن يموت بخمس: (إن من كان قبلكم، كانوا يتخذون قبورهم أنبيائهم وصالحيهم مساجد).

حذر من ذلك -عليه الصلاة والسلام- حتى مات، ونهى عنه قبل موته بخمس ليال؛ تشديدًا وتشنيعا في هذا الأمر لمن فعله، وخالف نهيه عليه الصلاة والسلام.

قوله: (لا تشدوا الرحال) أو (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) هذا فيه تقديران:

التقدير الأول: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد.

والتقدير الثاني: لا تشد الرحال إلى بقعة، إلا إلى ثلاثة مساجد. وهذا التقدير مقدر بالاتفاق؛ لأن المراد تشد الرحال، إما إلى البقاع أو إلى المساجد؛ لأنه لما استثناه (إلا إلى ثلاثة مساجد) والمستثنى إما أن يكون من جنس المستثنى منه، فيكون المعنى:أنه إلى مسجد. ففيه نهي عن شد الرحال إلى جميع المساجد، وأنه لا يجوز أن يشد الرحل إلى غيرها، وشد الرحل معناه: الركوب والسفر إليها. (إلا إلى ثلاثة مساجد).

فإذا كان نهى عن شد الرحال إلى المساجد، والمساجد لها فضلها، ولها تعظيمها ومنزلتها في الإسلام –فإذا غيرها من البقاع من باب أولى، فلا تشد الرحال إلى القبور، وإلى أماكن أخرى غيرها تعظم من باب أولى، فيكون من باب فحوى الخطاب، وأنه أولى أن ينهى عن شد الرحال إلى هذه الأماكن الأخرى، التي هي غير المساجد.

وإن كان التقدير: لا تشد الرحال إلى بقعة، فيكون عاما في جميع البقاع: مساجدها وغير مساجدها، فإذا شمل المساجد بعمومه، يشمل غير المساجد من باب أولى، وإذا شمل المساجد بخصوصه، وقدرنا قوله (لا تشد الرحال إلى مسجد) فيشمل غيره من باب أولى.

(إلا إلى ثلاثة مساجد) هذه المساجد الثلاثة هي التي يشد الرحل إليها: المسجد الحرام -والمسجد الحرام باتفاق أهل العلم، يجب شد الرحل إليه لمن وجب عليه الحج، واستطاع إليه سبيلاً، أنه يجب أن يشد الرحل إليه، على خلاف في الاستطاعة، وأعظم ما يكون بقصده للصلاة والطواف وسائر أعمال الخير- وكذلك المسجد (مسجده -عليه الصلاة والسلام-)، والمسجد الأقصى، فتقصد هذه المساجد.

وقصد المسجد الحرام لأجل الطواف، ولأجل أيضًا أن يمسح بما شرع مسحه: من الحجر والركن اليماني وغير ذلك، إذا كان شد الرحل لأجل الحج، أيضًا زيارته لهذه الأماكن في الحج،

أما مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، فشد الرحل إلى المسجد وليس فيه بقعة، ولا مكان يطاف به ولا يتمسح به باتفاق أهل العلم، إنما اختلف في وضع اليد على المنبر، جاء عن أحمد -رحمه الله- ما يدل على جوازه، وجاء ما يدل على المنع وسد الباب للذريعة، وأنه لا يشرع وضع اليد عليه؛ لأنه ليس من هدي السلف، ولم ينقل عنهم -رضي الله عنهم-،

وكذلك المسجد الأقصى أيضا شد الرحل إليه، لأجل الأعمال الصالحة: من صلاة وقراءة وذكر، وليس هنالك شيء أو مكان يطاف به، أو يتمسح به في هذه الأماكن، إلا ما جاء في المسجد الحرام في هذه المواضع الخاصة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير