تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحيث صح النهي عن صلاة غير المكتوبة إذا أقيمت الصلاة فلا يقتدى بهم في ذلك من جهة وقت صلاتهم ولكن من جهة مكان صلاتهم وهو المسجد.

وكذلك فقد كان الصحابة إذا أذن المؤذن للمغرب يبتدرون السواري أي يتسابقون إلى الأعمدة ليتخذوها سترة يتنفلون إليها، (كان المؤذن إذا أذن، قام ناس من أصحاب النبي، فيبتدرون السواري، يصلون حتى يخرج النبي وهم كذلك، ويصلون قبل المغرب؛ ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء) رواه النسائي وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 658 وهذا يفيد أنهم كانوا يبكرون إلى المسجد وقت الأذان ويتنفلون في المسجد، وما يقال في التنفل قبل المغرب يقال في التنفل قبل الفجر، فضلا عن إمكان الاستدلال بإذا أذن وشمولها لكل صلاة.

وأما مذاهب الفقهاء في المسألة فقال ابن قدامة في المغني:

ويستحب فعل السنن في البيت؛ لما ذكرنا من حديث ابن عمر: {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتي الفجر والمغرب والعشاء في بيته}، وقال أبو داود: ما رأيت أحمد ركعهما، يعني ركعتي الفجر، في المسجد قط، إنما كان يخرج فيقعد في المسجد حتى تقام الصلاة. وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل عن الركعتين بعد الظهر أين يصليان؟ قال: في المسجد، ثم قال: أما الركعتان قبل الفجر ففي بيته، وبعد المغرب في بيته. ثم قال: ليس هاهنا شيء آكد من الركعتين بعد المغرب. وذكر حديث ابن إسحاق: {صلوا هاتين الركعتين في بيوتكم}. قيل لأحمد: فإن كان منزل الرجل بعيدا؟ قال: لا أدري. وذلك لما روى سعد بن إسحاق، عن أبيه، عن جده، {أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد بني عبد الأشهل، فصلى المغرب، فرآهم يتطوعون بعدها. فقال: هذه صلاة البيوت}. رواه أبو داود. وعن رافع بن خديج، قال: {أتانا النبي صلى الله عليه وسلم في بني عبد الأشهل، فصلى بنا المغرب في مسجدنا، ثم قال: اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم}. رواه ابن ماجه، والأثرم، ولفظه، قال: {صلوا هاتين الركعتين في بيوتكم}.

وقال أبو زرعة العراقي في طرح التثريب:

واتفق العلماء على أفضلية فعل النوافل المطلقة في البيت واختلفوا في الرواتب فقال الجمهور الأفضل فعلها في البيت أيضا وسواء في ذلك راتبة الليل والنهار قال النووي ولا خلاف في هذا عندنا وقال القاضي أبو بكر بن العربي لم يختلف أحد من أهل العلم في ذلك. وكذا قال ابن عبد البر أنهم مجمعون على أن صلاة النافلة في البيوت أفضل انتهى ولم يقيده بالنافلة المطلقة ففي نفي الخلاف نظر فقد قال جماعة من السلف الاختيار فعلها كلها في المسجد وأشار إليه القاضي أبو الطيب من أصحابنا وقال مالك والثوري الأفضل فعل نوافل النهار الراتبة في المسجد وراتبة الليل في البيت قال النووي ودليل الجمهور {صلاته عليه الصلاة والسلام سنة الصبح والجمعة في بيته}. وهما صلاتا نهار مع قوله عليه الصلاة والسلام {أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة} انتهى. وقال ابن قدامة في المغني بعد أن قرر استحباب فعل السنن في البيت وقال الأثرم سمعت أبا عبد الله سئل عن الركعتين بعد الظهر أين تصليان فقال في المسجد ثم قال أما الركعتان قبل الفجر ففي بيته وبعد المغرب في بيته ا هـ فكأن التفصيل في ذلك رواية عن أحمد وقد فصل في هذه الرواية بين بعض رواتب النهار وبعضها. وقال ابن عبد البر اختلفت الآثار وعلماء السلف في صلاة النافلة في المسجد فكرهها قوم لهذا الحديث ورخص فيها آخرون انتهى والحكمة في مشروعية النوافل في البيت أنه أخفى وأقرب إلى الإخلاص وأصون من المحبطات ولتحصل البركة في البيت بذلك وتنزل فيه الرحمة والملائكة وينفر منه الشيطان وفي مصنف ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه في ذلك معنى غريب وهو كراهة التفرق في المسجد بعد الاجتماع فيه ولفظه إني لا أكرهه يعني التطوع في المسجد بعد الفريضة بيناهم جميعا في الصلاة إذا اختلفوا وهذا قد يقتضي الفرق بين النافلة التي بعد الفريضة والنافلة التي قبلها وفي مصنف ابن أبي شيبة أيضا عن رجل من الصحابة أنه قال تطوع الرجل في بيته يزيد على تطوعه عند الناس كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده وبالغ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فرأى أن سنة المغرب لا يجزئ فعلها في المسجد حكاه عبد الله بن أحمد في المسند عقب حديث محمود بن لبيد فقال قلت لأبي إن رجلا قال من صلى ركعتين بعد المغرب في المسجد لم يجزه إلا أن يصليهما في بيته لأن {النبي صلى الله عليه وسلم قال هذه من صلوات البيت}. قال من هذا؟ قلت محمد بن عبد الرحمن قال ما أحسن ما قال أو قال ما أحسن ما نقل أو انتزع.انتهى.

وقول أبي زرعة العراقي: (وهذا قد يقتضي الفرق بين النافلة التي بعد الفريضة والنافلة التي قبلها) واستدلاله على ذلك بأثر حذيفة يبين أن لشيخنا عبد الرحمن الفقيه سلفا في التفريق بين القبلية والبعدية فتكون القبلية في المسجد والبعدية في البيت.

هذا والله تعالى أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير