ما هي الخشية الحقيقيّة؟ كلام نفيس للإمام محمد بن صالح العثيمين
ـ[أبو الربيع العازمي]ــــــــ[23 - 08 - 06, 12:43 م]ـ
قال الإمام محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ في تفسير قول الله تعالى:
(إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) يس: 11.
(وقوله: (بالغيب) قال المؤلف (1): " ولم يره " كأنه يفسّر أن المراد بالغيب: أنّه يخشى الله في غيبة الله عنه، فيكون (بالغيب) حالا من المخشي، يعني يخشى الله والله غائب عنه، هذا أحد الوجهين في الآية.
الوجه الثاني: يخشى الله بالغيب، أي يخشى الله في حال الغيبة عن الناس، يخشى الله في قلبه في عمل غائب لا يغفل، فيكون (بالغيب) حالا من الخاشي، يعني أن هذا الإنسان الذي أنذرته وانتفع بإنذارك هو الذي اتّبع الذكر وخشي الله بالغيب حال كونه غائبا عن الناس، خشي الله بالغيب أي بالعمل الغائب، وهذه هي الخشية الحقيقيّة، لأن خشية الله تعالى في العلانية قد يكون سببها مراءاة الناس، ويكون في هذه الخشية شئ من الشرك، لأنه يرائي بها، ولكن إذا كان يخشى الله في مكان لا يطّلع عليه إلا الله فهذا هو الخاشي حقيقة، وكم من إنسان عند الناس لا يفعل المعاصي ولكن فيما بينه وبين نفسه يتهاون بها، فهذا خشي الناس في الحقيقة ولم يخشَ الله عز وجل لأن الذي يخشى الله لا بدّ أن يقوم بقلبه تعظيم الله سبحانه وتعالى سواء بحضرة الناس أو بغيبة الناس، أيضا يخشى الله بالغيب أي بما غاب عن الأبصار وعن الأذن سمعا وهو خشية القلب، وخشية القلب أعظم ملاحظة من خشية الجوارح إذ خشية الجوارح بإمكان كلّ إنسان أن يقوم بها حتّى في بيته فكلّ إنسان يستطيع أن يصلّي ولا يتحرّك، ينظر إلى موضع سجوده، يرفع يديه في موضع الرفع، يعني يستقيم استقامة تامّة في ظاهر الصلاة، لكن القلب غافل، أما خشية القلب فهي الأصل، وهي التي يجب أن يراقبها الإنسان ويحرص عليها حرصا تاما، وهذا معنى قوله تعالى: (وخشي الرحمن بالغيب).
..................................
(1) يقصد ـ رحمه الله ـ جلال الدين المحلي.
ـ[هشام الهاشمي]ــــــــ[23 - 08 - 06, 02:15 م]ـ
ها هنا كلمات حسان من كلام سعيد بن جبير أحببت أن أذكرها. قال: إن أفضل الخشية أن تخشى الله خشية تحول بينك وبين معصيته، وتحملك على طاعته، فتلك هي الخشية النافعة. والذكر طاعة الله، فمن أطاع الله فقد ذكره، ومن لم يطعه فليس بذاكر له، وإن كثر منه التسبيح وتلاوة القرآن. قيل له: من أعبد الناس؟ قال: رجل اقترف من الذنوب، فكلما ذكر ذنبه احتقر عمله، وقال له الحجاج: ويلك فقال: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار، فقال: اضربوا عنقه، فقال: إني أشهد أن لا إل?ه إلا الله وأن محمداً رسول الله، استحفظك بها حتى ألقاك يوم القيامة فأنا خصمك عند الله، فذبح من قفاه، فبلغ ذلك الحسن فقال: اللهم يا قاصم الجبابرة اقصم الحجاج، فما بقي إلا ثلاثة حتى وقع من جوفه دود فأنتن منه فمات. وقال سعيد للحجاج لما أمر بقتله وضحك فقال له: ما أضحكك؟ فقال: أضحك من غيراتك عليَّ وحلم الله عنك.
اسم الكتاب: البداية والنهاية
رقم الجزء: 5
رقم الصفحة: 98
ـ[أبو الربيع العازمي]ــــــــ[25 - 08 - 06, 02:23 م]ـ
أحسنت ـ أخي الحبيب ـ ... أحسن الله إليك ...