وللوقوف على حقيقة هذا المُدَّعى أنقل بعضاً من كلامه الذي صرح فيه بما يعتقده في حق النبي، حيث يقول:
(لما أراد الله سبحانه إظهار توحيده، وإكمال دينه، وأن تكون كلمته هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى، بعث محمداً خاتم النبيين وحبيب رب العالمين، وما زال في كل جيل مشهوراً، وفي توراة موسى وإنجيل عيسى مذكوراً، إلى أن أخرج الله تلك الدرة، بين بني كنانة وبني زهرة، فأرسله على حين فترة من الرسل وهداه إلى أقوم السبل، فكان له من الآيات والدلالات على نبوته قبل مبعثه ما يعجز أهل عصره، وأنبته الله نباتاً حسناً، وكان أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقاً وأعزهم جواراً، وأعظمهم حلماً، وأصدقهم حديثاً، حتى سماه قومه الأمين، لما جعل الله فيه من الأحوال الصالحة والخصال المرضية) [الدرر السنية:2/ 91،90].
(وهو سيد الشفعاء، وصاحب المقام المحمود، وآدم فمن دونه تحت لوائه) [الدرر السنية:1/ 86].
(وأول الرسل نوح، وآخرهم وأفضلهم محمد) [الدرر السنية:1/ 143].
(وقد بين أبين بلاغ وأتمه وأكمله، وكان أنصح الخلق لعباد الله، وكان بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق الجهاد وعبد الله حتى أتاه اليقين) [الدرر السنية:2/ 21].
كما ذكر - رحمه الله - أن مما يستفاد من قوله عليه الصلاة والسلام: {لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين}: (وجوب محبته على النفس والأهل والمال) [كتاب التوحيد:108].
ثالثاً: إنكار شفاعته.
ويتولى الشيخ جواب هذه الشبهة، حيث يقول: (يزعمون أنا ننكر شفاعة النبي؟ سبحانك هذا بهتان عظيم، بل نُشهد الله أن رسول الله الشافع المشفَّع، صاحب المقام المحمود، نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفِّعه فينا، وأن يحشرنا تحت لوائه) [الدرر السنية:1/ 63 - 64].
(ولا ينكر شفاعة النبي إلا أهل البدع والضلال ولكنها لا تكون إلا من بعد الإذن والرضى، كما قال تعالى: وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى [الانبياء:28]، وقال تعالى: مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ [البقرة:255]) [الدرر السنية1/ 31].
ويبين الشيخ سبب ترويج هذه الدعاية الكاذبة فيقول:
(هؤلاء لما ذكرت لهم ما ذكره الله ورسوله وما ذكره أهل العلم من جميع الطوائف من الأمر بإخلاص الدين لله والنهي عن مشابهة أهل الكتاب من قبلنا في اتخاذ الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله، قالوا لنا: تنقَّصتم الأنبياء والصالحين والأولياء) [الدرر السنية:2/ 50].
المسألة الثانية: آل البيت
من جملة التهم الموجهة للشيخ: أنه لا يحب آل البيت النبوي، ويهضمهم حقهم.
والجواب عن ذلك: أن ما زُعم خلاف الحقيقة، بل قد كان رحمه الله معترفاً بما لهم من حق المحبة والإكرام، قائماً به، بل ومنكراً على من لم يكن كذلك، يقول رحمه الله:
(وقد أوجب الله لأهل بيت رسول الله على الناس حقوقاً، فلا يجوز لمسلم أن يُسقط حقوقهم ويظن أنه من التوحيد، بل هو من الغلو، ونحن ما أنكرنا إلا إكرامهم لأجل ادِّعاء الألوهية فيهم، أو إكرام من يدعي ذلك) [مؤلفات الشيخ:5/ 284].
ومن تأمل سيرة الشيخ تحقق له صدق ما ذُكر، ويكفي في ذلك أن يعلم أن الشيخ قد سمى ستة من أبنائه السبعة بأسماء أهل البيت الكرام رضي الله عنهم وهم: علي، وعبد الله، وحسين، وحسن، وإبراهيم، وفاطمة، وهذا دليل واضح على عظيم ما كان يُكن لهم من محبة وتقدير.
المسألة الثالثة: كرامات الأولياء
يشيع بعض الناس أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب يُنكر كرامات الأولياء.
ويدحض هذا الإفتراء أن الشيخ - رحمه الله - قد قرر في عدد من المواضع معتقده الصريح في هذا الأمر بخلاف ما يشاع، من ذلك قوله ضمن كلام له يبين فيه معتقده:
(وأُقِرُّ بكرامات الأولياء) [الدرر السنية:1/ 32].
وليت شعري كيف يُتهم الشيخ بذلك وهو الذي يصف منكري كرامات الأولياء بأنهم أهل بدع وضلال، حيث يقول:
(ولا يجحد كرامات الأولياء إلا أهل البدع والضلال) [مؤلفات الشيخ:1/ 169].
المسألة الرابعة: التكفير
إن من أعظم ما يشاع عن الشيخ ومحبيه أنهم يُكفِّرون عامة المسلمين، وأن أنكحتهم غير صحيحة، إلا من كان منهم أو هاجر إليهم.
وقد فند الشيخ هذه الشبهة في عدد من المواضع، من ذلك قوله:
¥