تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(حُسْن الصوت بالقرآن) من كتاب الأحكام لابن العربي

ـ[أبو عبدالله الوائلي]ــــــــ[27 - 08 - 06, 04:14 م]ـ

تحدث ابن العربي في كتابه (ألفاظ القرآن):

"والأصوات الحسنة نعمة من الله تعالى، وزيادة في الخلق ومِنّة، وأحق مالبست هذه الحُلّة النفيسة، والموهبة الكريمة كتاب الله؛ فنِعَم الله إذا صرفت للطاعة فقد قضي بها حق النعمة".

ثم أعقبه بذكر من قد حَسُنَ صوته:

"وقد سمعت تاج القراء ابن لفتة بجامع عمرو يقرأ: ((ومن الليل فتهجد به نافلة لك)) فكأني ما سمعت الآية قط.

وسمعت ابن الرفاء -وكان من القُرّاء العظام- يقرأ، وأنا حاضر بالقرافة: كهيعص، فكأني ما سمعتها قط.

وسمعت بمدينة السلام شيخ القراء البصريين يقرأ في دار بها الملك: ((والسماء ذات البروج))، فكأني ما سمعتُها قط، حتى بلغ إلى قوله تعالى: ((فعال لما يريد))، فكأنّ الإيوان قد سقط علينا. والقلوب تخشع للقول الحسن كما تخضع للوجه الحسن، وما تتأثرّ به القلوب في التقوى فهو أعظَمُ في الأجر وأقربُ إلى لين القلوب وذهاب القسوة منها.

وكان ابن الكازَرُوني يأوي إلى المسجد الأقصى، ثم تمتعنا به ثلاث سنوات، ولقد كان يقرأ في مهد عيسى فيسمع من الطُّور، فلا يقدر أحد أن يصنع شيئاً طول قراءته إلا الاستماع إليه.

وكان صاحب مصر الملقّب بالأفضل قد دخلها في المحرم سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة وحوَّلَها على أيدي العباسية، وهو حنق عليها وعلى أهلها بحِصارِه لهم وقتالهم له، فلما صار فيها، وتدانَى بالمسجد الأقصى، وصلى ركعتين تصدّى له ابن الكازروني، وقرأ: ((قل اللهم مالك الملك تُؤتِي الملك من تَشاء وتَنزِعُ الملك ممن تشاء وتُعزُّ من تَشاء وتُذِلُّ من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيءٍ قَدير))، فما ملك نفسه حين سمعه أن قال للناس على عظم ذَنْبهم عنده، وكثرة حِقْدِه لهم عليهم: ((لا تَثْرِيب علَيكم اليَومَ يَغفرُ اللهُ لكم وهو أَرْحم الرَّاحِمين))."

ــــــــــــ

المجلد (3 - 4) ص1584، 1585.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير