: بقاء الساكنين
يمكن بقاء الساكنين من كلمتين كما هو في قراءة البزى أعنى ببقاء الساكنين جَمعُ الساكنين دون التخلص بالمد أو الحذف أو الحركة وذلك في مثل
(على من تَّنزل الشياطين – ألف شهر تَّنزل – إذ تَّلقون_ نارا تَّلظى –هلْ تَّربصون –فإِن تَّولوا فإنما عليه ما حمل - فإني أخاف – أن تَّولوهم .. ) وذلك أن هذه التاءات من هذه الكلمات (تنزل –تلقون –تربصون –تولوا –تولوهم) مشددة وقبلها ساكن فاجتمع ساكنان وبقيت كما هى دون التخلص من الساكنين بشيء وذلك في حالة الوصل.
• ونقل أبو شامة عن مكي أن وقوع الإدغام في هذا قبيح صعب ولا يُجوزه جميعُ النحويين إذ لا يجوز المد في الساكن الذي قبل المشدد.
• وقد رد علماء القراءات هذه الإدعاءات بإن تواتر القراءة وثبوتها حجة لا يجوز مخالفتها باى حال من الأحوال وحسبك أنها من القراءة السبعية.
• هذا وقد نقل ابن هشام في كتابه (شذور الذهب) عند اعتراض بعض النحاة علي قراءة (إنْ هذان لساحران) بتخفيف (إن) وهذان بالألف، وبعدما وجه هذه القراءة،نقل قول ابن تيميه قائلا (وقد زعم قوم أن قراءة من قرأ (إن هذان) لحن،
وأن عثمان رضى الله عنه قال: إن في المصحف لحن وستقيمه العرب بألسنتها
وهذا خبر باطل لا يصح من وجوه
• أحدهما: أن الصحابة رضى الله عنهم – كانوا يتسارعون إلى إنكار أدنى المنكرات، فكيف يقرون اللحن في القرآن مع أنهم لا كلفة عليهم في إزالته
• والثاني: أن العرب كانت تستقبح اللحن غاية الاستقباح في الكلام فكيف لا يستقبحون بقاءه في المصحف.
• والثالث: أن الاحتجاج بأن العرب ستقيمه بألسنتها غير مستقيم لأن يقف عليه العربي والعجمي 0
-33 -
• والرابع: أنه قد ثبت في الصحيح أن زيد بن ثابت أراد أن يكتب التابوت بالهاء على لغة الأنصار فمنعوه من ذلك و رفعوه إلى عثمان رضي الله عنه فأمرهم أن يكتبوه بالتاء علي لغة قريش.
و لما بلغ عمر رضي الله عنة أن ابن مسعود قرأ " عتي حين " علي لغةِ هذيل , أنكر ذلك عليه و قال: أقرئ الناس بلغةِ قريش،فإن الله تعالي أنزله بلغتهم ولم ينزل بلغةِ هذيل أ. ه ملخصاً.
ثم قال ابن هشام: وقال المهدوي في شرح الهداية , و ما روي عن عائشة رضي الله عنها من قولها: أن في القرآنِ لحناً وستقيمه العرب بألسنتها. لم يصح و لم يوجد في القرآنِ العظيم حرف واحد إلا و له وجه صحيح في العربية , و قد قال الله تعالي:" لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " و القرآن محفوظ من اللحنِ و الزيادة و النقصان. أ. ه.
قال ابن هشام و هذا الأثر إنما هو مشهور عن عثمان رضي الله عنه كما تقدم من كلام ابن تيمية رحمه الله , لا عن عائشة رضي الله عنها كما ذكره المهدوي , و إنما المروي عن عائشة ما رواه الفراء عن أبى معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه أنها رضي الله عنها سئلت عن قوله تعالي في سورة النساء: " و المقيمين الصلاة " بعد قوله ِ " لكن الراسخون ... " و عن قوله تعالي في المائدة: " إن الذين آمنوا و الذين هادوا و الصابئون .... "
وعن قوله –تعالى – فى طه: (إن هذان لساحران) فقالت يا ابن أخى هذا خطأ من الكاتب روى هذه القصة الثعلبى وغيره من المفسرين وهذا أيضا بعيد الثبوت عن عائشة _رضى الله عنها – فإن هذه القراءات كلها موجهة كما مر فى هذه الآية (إن هذان لساحران) وكما سيأتى إن شاء الله –تعالى – فى الآيتين الآخيرتين عند الكلام على الجمع وعلى قراءة جميع السبعة فى (المقيمين – والصائبون) وقراءة الأكثر فى (إن هذان) فلا يتجه القول بأنهما خطأ لصحتهما فى العربية وثبوتها فى النقل.أ. ه
قلت: تأمل كلام ابن تيمية إلى أن الصحابة كانوا يتسارعون إلى إنكار أدنى المنكرات.
فهل بعد تواتر القراءة وثبوتها عن البزى وعن غيره فى بعض المواضع من منكر
لهذه القراءة!!
وقول المهدوى: لم يوجد فى القرآن العظيم حرف واحد إلا وله وجه صحيح فى العربية
وقد قال الله –تعالى – (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)
والقرآن محفوظ من اللحن والزيادة والنقصان. فكيف يقبحون قراءة ثابتة مثل قراءة البزى
وهى قراءة مجمعة عليها!!!
وقول ابن هشام: (فلا يتجه القول بأنهما خطأ لصحتهما فى العربية وثبوتها فى النقل)
وقد نقلت لك أيها القارئ الكريم فى باب (بقاء الساكنين فى كلمة) قول الأئمة الأعلام من المحققين فى هذا الفن فى حجية القراءة إذا ثبتت فى النقل، فارجع إليه.
الخاتمة
هذا ما وفقني الله به في هذه الرسالة، ولا يسعني إلا أن أتوجه إلي الله بالحمد على منه وكرمه وفضله، وأيضا أشكر إخواني الذين شاركوا في هذا البحث وأشكر زوجتي التي وفرت لي من وقتها، وقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم -: (لا يشكر الله من لا يشكر الناس).
ولله در القائل!
ادأب على جمع الفضائل جاهدا وأدم لها تعب القريحة والجسد
واقصد بها وجه الإله ونفع من بلغته ممن جد فيها واجتهد
واترك كلام الحاسدين وبغيهم هملا فبعد الموت ينقطع الحسد
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
جمع وترتيب
الشيخ / أبو عمر عبد الحكيم
المراجع
• القرآن الكريم
• شرح الطيبة للنويرى
* إبراز المعاني لأبى شامة
* هداية القاري للمر صفى
* القراءات الثماني للقرآن الكريم لأبى محمد الحسن بن على بن سعيد
* شذا العرف فى فن الصرف للحملاوى
* قطر الندى لابن هشام
* نزهة الطرف لابن هشام