[ليلة النصف من شعبان ما لها و ما عليها]
ـ[رأفت الحامد العدني]ــــــــ[28 - 08 - 06, 06:22 م]ـ
{ليلة النصف من شعبان ما لها و ما عليها}
الحمد لله الذي أتمّ لنا الدين،و أرسل فينا رسوله الأمين ليكون قدوةً للعالمين، و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين و على آله و أصحابه الطيبين الطاهرين،
وبعد
أولاً: ذكر ما ثبت من الأحاديث في فضل هذه الليلة:
• حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن الله ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم بني كلب ". أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة، وهو صحيح بمجموع الطرق كما قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (1144)
• حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ". أخرجه ابن ماجة، وقال الألباني: صحيح بمجموع الطرق. المصدر السابق
• حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يطلع الله عزّ و جلّ إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا لإثنين مشاحن و قاتل نفس ". أخرجه أحمد وهو حديث حسن كما في المصدر السابق.
• ما يستفاد من الأحاديث السابقة:
1. إثبات الفضيلة لهذه الليلة.
2. أن الله عز و جل ينزل إلى السماء الدنيا و يطلع على أهلها،و قد ثبت عند البخاري و مسلم من حديث أبي هريرة،و عند مسلم من حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال:" ينزل تبارك و تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر،فيقول: من يدعوني فأستجيب له و من يسألني فأعطيه و من يستغفرني فأغفر له ".
3. أن الله تبارك و تعالى يغفر لجميع أهل الأرض من المسلمين إلا لمشرك و قاتل نفس و مشاحن، قال بن المبارك: المشاحن: المبتدع
4. ليس في الأحاديث ذكر لشيء مما يفعله العامة من إحياء هذه الليلة بالصلاة أو صيام نهارها و الاحتفال فيها.
ثانياً: حكم صيام يوم النصف من شعبان:
ورد في صيام ليلة النصف من شعبان حديث أخرجه ابن ماجة في سننه و نصه:" إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها و صوموا نهارها ". و في سند الحديث ابن بسرة قال فيه الإمام أحمد و ابن معين: يضع الحديث،و قال الألباني في ضعيف الجامع برقم (752):" موضوع " أي مكذوب.و قال شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 632):"صوم يوم النصف مفرداً لا أصل له بل إفراده مكروه وهو من المواسم المحدثة المبتدعة التي لا أصل لها ". انتهى كلامه رحمه الله
أما ما ثبت عنه صلى الله عليه و سلم من حديث عائشة في صحيح مسلم:أنه كان يصوم في شعبان،فأنه كما قال النووي في شرح صحيح مسلم (8/ 37):" يحمل على صيام أكثر شهر شعبان ".
ثالثاً: حكم الاجتماع للاحتفال بليلة النصف من شعبان:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاقتضاء" (2/ 634):" و الاجتماع لها مبتدع و محدث "،و عدّه الشيخ جمال الدين القاسمي في كتابه " إصلاح المساجد من البدع و العوائد " في ص 99 من البدع و المحدثات، و قال الشيخ عبد السلام خضر في " السنن و المبتدعات " ص145:" و يكره الاجتماع لإحياء ليلة من هذه الليالي المذكورة في المساجد و غيرها
رابعاً: حكم الدعاء الوارد في هذه الليلة:
وهو:" اللهم ياذا المن و لا يمن عليه .... ،قال الزبيدي في " إتحاف السادة المتقين شرح أسرار إحياء علوم الدين ":" إنه دعاء لا أصل له و لا مستند ". راجع " السنن و المبتدعات ص145، ويقال أنه من ترتيب بعض أهل الصلاح من عند نفسه يُدعى " البوني ".
• و روى الخلال عن إسحاق بن منصور الكوسج قال لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: تكره أن يجتمع القوم يدعون الله و يرفعون أيديهم،قال: ما أكرهه للإخوان إذا لم يجتمعوا على عمد إلا أن يكثروا. و بهذا أفتى إسحاق بن راهوية و قال: إنما معنى "أن لا يكثروا ": أن لا يتخذوها عادة حتى يكثروا. وقال الشيخ عبد السلام خضر: و لم أرى لها _أي الصلاة _ و لا دعائها مستند من السّنة. السنن و المبتدعات ص 145
• و اعلم أن حديث:" يس لما قرأت له " موضوع مكذوب لا يصح،قال عنه السخاوي في " المقاصد الحسنة": لا أصل له بهذا اللفظ.و ذكره الملا علي القاري في " الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة " المسمى " الموضوعات الكبرى "برقم 1093. و روى الإمام الترمذي حديثاً في جامعه برقم (2887) و نصه:" إن لكل شيء قلب و قلب القرآن يس ". قال الترمذي: غريب _ أي ضعيف _فيه هارون أبو محمد شيخ مجهول.
خامساً: الآثار الواردة في هذه الليلة:
ذكر الإمام الطرطوشي في كتاب " الحوادث و البدع " ص 101:
- روى ابن الوضاح عن زيد بن أسلم قال:" ما أدركنا أحد من مشيختنا و لا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان .. و لا يرون لها فضل على سواها.
- و قل لابن أبي مليكة: أن زياد النميري يقول: أن أجر ليلة النصف من شعبان كأجر ليلة القدر، فقال:" لو سمعته و بيدي عصا لضربته: و كان قاصاً، و في سند هذا الأثر مقال.
سادساً: حال الناس في هذه الليلة:
قال الإمام أبو شامة في كتابه " الباعث على إنكار البدع و الحوادث " ص 55:" فهذه الليلة بعض من الليالي التي كان يصليها صلى الله عليه وسلم أو يحيها و إنما المحذور المنكر تخصيص الليالي بصلاة مخصوصة على صفة مخصوصة و إظهار ذلك على ما ثبت من شعائر الإسلام كصلاة الجمعة و العيد و التراويح فيتداو لها الناس و يُنسى أصل وضعها و يربى الصغار عليها قد ألفوا آبائهم محافظين عليها محافظتهم على الفرائض بل أشدّ محافظة و مهتمين لإظهار هذه الشعائر بالزينة و الوقيد و النفقات كاهتمامهم بعيدي الإسلام بل أشدّ على ما هو معروف من فعل العوام و في هذا خلط لضياء الحق بضلال الباطل ".
¥