تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[التقوى.]

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[30 - 08 - 06, 06:57 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أما بعد /

أمرٌ عظيم هو زاد الآخرة , أمرٌ عظيم هو لباس الآخرة، وهو وصية الله عز و جل فِيَّ و فيكم و في المؤمنين و في الناس أجمعين، و هو شعار المؤمن حقا و دثاره , ألا وهو التقوى ,

قال تعالى: [و تزودوا فإن خير الزاد التقوى و اتقون يا أولي الألباب]، لماذا كان خير الزاد هو التقوى؟ لأن الزاد قسمان: مادي و معنوي ,أما الزاد المادي فهو الطعام والشراب الذي فيه حياة الأبدان , وأما الزاد المعنوي فهو التقوى التي فيها حياة الروح التي فيها سعادة الدارين , ولذا قال الله تعالى: [وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب و لا الإيمان و لكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا]،

فسمى الله تعالى الشرعَ الذي نزّله على قلب محمد - صلى الله عليه وسلم -" روحا " لأن به حياة الروح التي بها نجاتها يوم القيامة من النار.

و قال تعالى [يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم و ريشا و لباس التقوى ذلك خير] ولماذا أيضا لباس التقوى خير؟ لأن اللباس نوعان: مادي و معنوي مادي وهو: الثياب التي يغطي بها الإنسان عورته , و يتزين بها , وهذه فيها الحماية من حر الدنيا، وأما اللباس المعنوي فهو: التقوى التي فيها الحماية من حر يوم القيامة و من لهيب نار جهنم؛ و لذلك فلباس التقوى خير؛

و لهذا تنوعت كلمات الرب جل وعلا في الحث على التقوى تارة بالأمر , و تارة بالحض والتحبيب , وتارة بعرض محاسن التقوى وفضائلها , وتارة بالتخويف:

قال تعالى: [واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون] , و قال تعالى: [يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم]، وقال تعالى: [يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا و نساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا]، وقال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما]،و قال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون] وقال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا و أنتم مسلمون]، و قال تعالى: [ومن يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب]، وقال تعالى: [ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا]، و قال تعالى: [ومن يتق الله يكفرعنه سيئاته ويعظم له أجرا]، و قال تعالى: [إنه من يتق و يصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين]،

و أخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم أنه سبحانه و تعالى لا يتقبل إلا من المتقين , فقال جل في علاه: [إنما يتقبل الله من المتقين] , بل جعل الله المتقين هم خاصته و صفوته , و أيدهم بنصره وتأييده، فقال سبحانه: [واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين]، فأي فضل أعظم من هذا الفضل؟! , أن يكون الله معك، أن يكون الله معك بنصره و تأييده و حفظه و كلاءته و رعايته , وهذه هي معية الله الخاصة التي تكون لخاصته من خلقه أعني المتقين ,

وهناك معية عامة للرب جل وعلا ولكنها لخلقه جميعا , وهي معية الربوبية و معانيها , وهي التي في قوله تعالى: [ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم] هذه المعية في هذه الآية هي المعية العامة: و هي التي يكون فيها سبحانه و تعالى مع خلقه بعلمه وبصره وسمعه و إدراكه و إحاطته و تدبيره وتصريفه سبحانه و تعالى؛

أما معيته سبحانه و تعالى للمتقين فهي معية خاصة هي معية النصر والتأييد و الكلاءة والحفظ والرعاية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير