[كائنة الحنابلة مع ابن جرير الطبري - رحمهم الله تعالى -]
ـ[العوضي]ــــــــ[01 - 09 - 06, 10:08 م]ـ
كائنة الحنابلة مع الطبري
في ترجمة: الإمام محمد بن جرير الطبري , شيخ المفسرين المتوفى سنة (310 هـ) – رحمه الله عالى – ذكر ياقوت – ت سنة 626 هـ - في تاريخه " معجم الأدباء " وابن الأثير في " تاريخه: الكامل " 6/ 171 , وابن السبكي – ت سنة 771 هـ - في " الطبقات " 3/ 124 – 125 , وابن كثير – ت سنة 774 – في " تاريخه " 11/ 145: كائنة الحنابلة مع الطبري (فلما قدم – أي الطبري – إلى بغداد من طبرستان بعد رجوعه إليها: نعصب عليه أبو عبدالله الجصاص , وجعفر بن عرفة , والبياضي , وقصده الحنابلة فسألوه عن أحمد بن حنبل في الجامع يوم الجمعة وعن حديث الجلوس على العرش , فقال أبو جعفر: أما أحمد بن حنبل فلا يعد خلافه , فقالوا له: فقد ذكره العلماء في الاختلاف , فقال: ما رأيته رُوي عنه ولا رأيت له أصحاباً يُعول عليهم , وأما حديث الجلوس على العرش فمحال , ثم أنشد:
سبحان من ليس له أنيس ... ولا له في عرشه جليس
فلما سمع ذلك الحنابلة منه , وأصحاب الحديث , وثبوا ورموه بمحابرهم , وقيل: كانت أُلوفاً , فقام أبوجعفر بنفسه ودخل داره فرموا داره بالحجارة حتى صار على بابه كالتل العظيم , وركب نازوك صاحب الشرطة في عشرات ألوف من الجند يمنع عنه العامة ووقف على بابه يوماً إلى الليل وأمر برفع الحجارة عنه , وكان قد كتب على بابه:
سبحان من ليس له أنيس ... ولا له في عرشه جليس
فأمر نازوك بمحو ذلك وكتب مكانه بعض أصحاب الحديث
لأحمد منزل لا شك عامل ... إذا وافى إلى الرحمن واد
فَيُدنيهِ ويُقْعِدهُ كرسماً ... على رغم لهم في أنف حاسد
فخلا في داره وعمل كتابه المشهور في الاعتذار إليهم , وذكر مذهبه , واعتقاده , وجرح من ظن فيه غير ذلك , وقرأ الكتاب عليهم , وفيه فضل أحمد بن حنبل , وذكر مذهبه وتصويب اعتقاده , ولم يزل في ذكره إلى أن مات ولم يخرج كنابه في الاختلاف حتى مات , فوجدوه مدفوناً في التراب فأخرجوه ونسخوه , أعني " اختلاف الفقهاء " انتهى.
فهذه المصادر تتفق هي وغيرها على أمور:
1 - أن ابن جرير – رحمه الله تعالى – احتجب في داره.
2 - وأنه مات سنة (310 هـ) دفن في داره ليلاً ومنعوا من دفنه نهاراً.
3 - وأن ذلك بسبب ما وصل إليه من أذى.
ثم اختلفوا فيمن آذاه وسببه.
· فياقوت يعلله بأمرين من الحنابلة , هما:
1 - تأويله حديث الإقعاد على العرش.
2 عدم ذكره لخلاف أحمد في كتابه " اختلاف الفقهاء ".
· وابن الأثير يذكر قول ابن مسكويه أن سببه: دعوى العامة عليه – الرفض والإلحاد – لكن يرده ابن الأثير ويذكر أن السبب تأليفه كتابه المذكور , وقيام الحنابلة عليه.
· وابن السبكي يرى أنه إنما احتجب عن الأراذل من العامة , وأما الحنابلة فهم أقل شأناً من أن يمنع بسببهم.
· وابن كثير: يرى أن السبب رمي داود الظاهري له بالرفض والإلحاد بسبب تأليفه كتاباً عن: غدير خم في مجلدين , وكتاباً جمع فيه طرق حديث الطير , وأنه كان يقول بجواز مسح القدمين في الوضوء , فقلد الحنابلة داود فآذوا ابن جرير تديناً.
هذه خلاصة ما ذكره المؤرخون في هذه الكائنة , ومعلوم أن الفقرتين (1 , 2) لا خلاف فيهما , وتبقى الفقرة الثالثة في معرفة من آذاه وسببه , ويظهر ما يلي:
1 - ما ذكره ابن السبكي , لا ينبغي الالتفات إليه , ولا التعويل عليه , لما عرف من العداوة بينه وبين الحنابلة , فهذا من تقادح الأقران , بل بلغ به الحال – تجاوز الله عنا وعنه – إلى الوقوع في شيخه الإمام الذهبي كما في ترجمته له وفي ترجمته لوالده , وفي ترجمته للحافظ أبي الحجاج المزي في كتابه " طبقات الشافعية الكبرى " 10/ 399 - 400 , 9/ 103 , وقد رد عليه الحافظ السخاوي – رحمه الله تعالى – في " الإعلان بالتوبيخ " ص 101 , 135 - 136 , والشوكاني في " البدر الطالع ".
2 - ما ذكره ابن الأثير عن ابن مسكويه , وذكره بأبسط منه ابن كثير , من أن السبب ما رُمي به من الرفض والإلحاد فيكفينا في رده , بعد المطالبة بثبوته , ودونه خَرْطُ القتاد: رد ابن الأثير له , ورد ابن كثير كذلك في قولها: وحاشاه من ذلك.
¥