فقد قرَب الإمام بن الجزرى المسألة بأن من قال بالجوف نظر إلى نهاية حروف المد- وهو الخليل- ومن قال بعدمه نظر إلى بداية حروف المد -وهو سيبويه - وهؤلاء محجوجون بالزيادة التي في حروف المد أين تكون.؟ فالمعلوم أن الحروف لها مقطع واحد إلا حروف المد لها مقطعين، مقطع الحرف ومقطع مدة الحرف فهذه الزيادة هي التي ترجح وجود مخرج الجوف. والله أعلم.
-الإشارة: يطلقون الإشارة على الروم وعلى الإشمام ويفرقون بينهما بالصوت الخفي، قال أبو شامة:" وقال الشيخ: هو الإشارة إلى الحركة مع صوت خفي وقال في الإشمام، قال الشيخ: هو الإشارة إلى الحركة من غير تصويت"
.أ. هـ إبراز المعاني
والصوت الخفي: المقصود به جزء من الحركة وهو ما نسميه (بالروم (
وذكر نص بن على الشيرازي في كتابه الموضح: أن الكوفيين ومن تابعهم ذهبوا إلى أن الإشمام هو الصوت، وهو الذي يسمع، لأنه عندهم بعض حركة والروم هو الذي لا يسمع لأن روم الحركة من تفوه به.
وقال مكي:" قد روى عن الكسائى الإشمام في المخفوض، قال وأراه يريد به الروم لأن الكوفيين يلقبون ما سميناه روما إشماما، وما سميناه إشماما روما "
وقد علق أبو شامة قائلا: لا مشاحة في التسمية إذا عرفت الحقائق.أ. هـ إبراز المعاني
قلت: قال المالقي: وحكى عن الكوفيين أنهم يسمون الإشارة بالشفتين روما، لأنك تقول رمت فعل كذا، إذا تعرضت له ولم تفعله، فكذلك إذا أشرت بشفتيك من غير نطق.
ويسمون النطق ببعض الحركة إشماما، كما تقول: شممت رائحة كذا إذا أدركت رائحته، فكأنك أدركت جزءا منه، فكذلك إذا جعلت في الحرف شيئا يسيرا من لفظ الحركة.
اصطلاح البصريين يتوجه على أنك حين نطقت ببعض الحركة كأنك رمت إتمامها فلم تفعل، وعلى أنك جعلت القدر الحاصل من الإشارة بالشفتين إشماما لأنه كاف في الإشعار بحركة الوصل، والأمر في ذلك قريب " أ. هـ الدر النثير والعذب المنير صـ 578
وبعد هذا العرض السريع لبعض المصطلحات سوف أشرع مستعينا بالله في الحديث عن الروم والإشمام ومن أراد المزيد عن السكون وعن أحوالها فارجع إلى بحث الرسالة الفاصلة في حكم التقاء الأحرف الساكنة.
الروم
الروم في اللغة: الطلب أو القصد أو الإرادة
قال القائل بقدر الكد تعطى ما تروم ... وتدرك ما تمناه الفهوم، ما تروم: ما تقصد]
وقال آخر إذا رمت العلوم بغير شيخ ... ضللت عن الصراط المستقيم
ــ أي إذا طلبت العلوم بغير شيخ ........
وفي الاصطلاح:قال الداني في التيسير: فأما حقيقة الروم فهو تضعيفك الصوت بالحركة حتى يذهب بذلك معظم صوتها فتسمع لها صوتا خفيا يدركه الأعمى بحاسة سمعه. أ. هـ صـ54
قال الشاطبى: هو الإشارة إلى الحركة مع صوت خفي. قال السخاوى والصحيح في تحديد الروم ما قاله شيخنا رحمه الله - يقصد الإمام الشاطبى رحمه الله - من أنه إسماع الحركة بصوت خفي لا أنه الإتيان ببعض صوتها.".ا. هـ فتح الوصيد في شرح القصيد صـ 1/ 547
قال ابن الجزرى:الروم هو النطق ببعض الحركة، وقال بعضهم هو تضعيف الصوت بالحركة،وكلا القولين واحد، وهو عند النحاة عبارة عن النطق بالحركة بصوت خفي.أ. هـ النشر 2/ 121
و فائده الروم و الإشمام كما قال ا بن الجزري: فائدة الإشارة بالروم و الإشمام: هي بيان الحركه التي تثبت في الوصل للحرف الموقوف عليه ليظهر للسامع أو للناظر كيف تلك الحركة الموقوف عليها " النشر2/ 125
و قال ابن جني " ... ولكن روم الحركة يكاد الحرف يكون به متحركا، ألا تراك تفصل به بين المذكر والمؤنث في قولك في الوقف " أنت" بفتح التاء و"أنت " بكسرها، فلولا أن هناك صوتا لما وجدت فصلا إلى هنا ... " الخصائص جـ 2/ 330
فالروم، عند القراء غير الاختلاس وغير الإخفاء أيضا وهذان عندهم واحد ولذلك عبروا بكل منهما
عن الآخر في نحو " وأرنا ـ ويهدَِى" و"يخصَِمون" وربما عبروا بالإخفاء عن الروم أيضا كما في
" تأمنا".
قلت: الروم والاختلاس واحد عند النحاة ـ أي بمعنى واحد ـ وكذلك عند القراء قديما قال الداني في التيسير في ذكر الحرفين المتقاربين قال: " واعلم أن اليزيدى حكي عن أبي عمرو ـ ـ ـ ـ والإشارة تكون روما وإشماما والروم أكثر لما فيه من البيان عن كيفية الحركة ـ ـ ـ" أ. هـ
وتبعه الشاطبى حيث قال
: وأشمم ورم في غير باء وميمها
مع الباء أو ميم و كن متأملا
¥