وهو منْ دينِ محمدٍ عليه الصلاةُ والسلامُ. قال تعالى: ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)). (المائدة:51).
وهذه في تحريمِ موالاةِ أهلِ الكتابِ خصوصاً وقال في تحريمِ موالاةِ الكفارِ عموماً: ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ)) (الممتحنة:1).
بل لقد حرَّم على المؤمنِ موالاةَ الكفارِ ولو كانوا من أقربِ الناسِ إليه نَسَباً، قال تعالى: ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ)) (التوبة:23).
وقال تعالى: ((لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)). (المجادلة:22) انتهى كلامه حفظه الله ...
وأقرأ هذه الآيات التي تُنبِّهُ بمطالبة المؤمنين بعدم موالاة اليهود والنصارى، وذلك لأن اليهود لا يوالون إلا اليهود، وأن النصارى لا يوالون إلا النصارى، وأنهم جميعاً يتبرأون من المسلمين ...
قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ * هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)) (آل عمران: 116 - 120).
وقد يشكك المرجفون بأن عقيدة الولاء والبراء تمثل العنف وتمثل الصورة المشوهة للإسلام ... ولا شك في أنها إحدى أُسُس الدين الإسلامي العظام وهذا يعني أنّها لابُدّ أن تصطبغ بصبغة الإسلام الكبرى، وهي الوسطيّةُ والسماحة والرحمة.
فقد قال الله تعالى عن نبيّه صلى الله عليه وسلم: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)) (الأنبياء: 107).
(فالولاء والبراء) مادام أنه من الإسلام، فهو وَسطٌ وسَمْحٌ ورحمة. لايشك في هذه النتيجة مسلم، ولا غير مسلم: إذا كان منصفاً.
ومع ذلك فلا بُدّ من بيان عدم تعارض معتقد (الولاء والبراء) مع مبادئ الوسطيّة والسماحة والرحمة، وذلك يظهر من خلال تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع الكفار ...
وهذا مثال على سماحة منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى عدم تعارض معاملته في عقيدة الولاء والبراء ...
عن أبي رافع رضي الله عنه (وكان قبطيًّا) قال: ((بعثتني قريشٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أُلقيَ في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله، إني والله لا أرجع إليهم أبد ... وهذا يدل على حسن تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم)).
وهذا مثال آخر ...
أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((من قَتَل معاهَدًا لم يَرَحْ رائحةَ الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً)) [1].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((أيُّما رجلٍ أمِنَ رجلاً على دمه ثم قتله، فأنا من القاتل بريء، وإن كان المقتولُ كافراً)) [2].
((ولمّا أهدى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه حُلّةً ذاتِ قيمة، أهداها عمر رضي الله عنه أخًا له بمكة كان مشركاً)) [3].
¥