تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وليست صلاة التراويح من النوافل المطلقة حتى يكون لمصلي الخيار في أن يصليها بأي عدد شاء بل هي سنة مؤكدة تشبه الفرائض من حيث أنها تشرع مع الجماعة كما قالت الشافعية فهي من هذه الحيثية أولى بأن لا يزاد عليها من السنن الرواتب ولهذا منعوا من جمع أربع ركعات من التراويح في تسليمة واحدة ظنا منهم أنهم لم ترد واحتجوا (بأن التراويح أشبهت الفرض بطلب الجماعة فلا تغير عما ورد فيها).

فتأمل كيف منعوا من وصل ركعتين بركعتين كل منهما وارد لأن في الوصل - عندهم - تغييرا لما ورد فيها من الفصل أفلا يحق لنا حينئذ أن نمنع بهذه الحجة ذاتها من زيادة عشر ركعات لا أصل لها في السنة الصحيحة البتة؟ اللهم بلى بل هذا بالمعنع أولى وأحرى فهل من مدكر؟

على أنه لو اعتبرنا صلاة التراويح نفلا مطلقا لم يحدده الشارع بعدد معين لم يجز لنا أن نلتزم نحن فيها عددا لا نجاوزه لما ثبت في الأصول: أنه لا يسوغ التزام صفة لم ترد عنه صلى الله عليه وسلم في عبادة من العبادات.

قال الشيخ ملا أحمد رومي الحنفي صاحب (مجالس الأبرار) ما ملخصه:

(لأن عدم وقوع الفعل في الصدر الأول إما لعدم الحاجة إليه أو لوجود مانع أو لعدم تنبه أو لتكاسل أو لكراهة أو لعدم مشروعيته والأولان منفيان في العبادات البدنية المحضة لأن الحاجة في التقرب إلى الله تعالى لا تنقطع وبعد ظهور الإسلام لم يكن منها مانع ولا يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم عدم التنبه والتكاسل فذاك أسوأ الن المؤدي إلى الكفر فلم يبق إلا كونها سيئة غير مشروعة وكذلك يقال لمن أتى في العبادات البدنية المحضة بصفة لم تكن في زمن الصحابة إذ لو كان وصف العبادة في الفعل المبتدع يقتضي كونها بدعة حسنة لما وجد في العبادات بدعة مكروهة ولما جعل الفقهاء صلاة الرغائب والجماعة فيها وأنواع النغمات في الخطب وفي الأذان وقراءة القرآن في الركوع والجهر بالذكر أمام الجنازة ونحو ذلك من البدع المنكرة فمن قال بحسنها قيل له: ما ثبت حسنه بالأدلة الشرعية فهو إما غير بدعة فيبقى عموم العام في حديث " كل بدعة ضلالة " وحديث " كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد " على حاله ويكون مخصوصا من هذا العام والعام المخصوص حجة فيما عدا ما خص منه فمن ادعى الخصوص فيما أحدث أيضا احتاج إلى دليل يصلح للتخصيص من كتاب أو سنة أو إجماع مختص بأهل الاجتهاد ولا نظر للعوام ولعادة أكثر البلاد فيه فمن أحدث شيئا يتقرب به إلى الله تعالى من قول أو فعل فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله فعلم أن كل بدعة في العبادات البدنية المحضة لا تكون إلا سيئة ".

شبهات وجوابها:

إذا عرفنا إفادة هذا النص أنه لا يجوز الزيادة عليه فإن من تمام الفائدة أن نسوق بضع الشبهات التي قد يوردها البعض حول هذه المسألة مع الجواب عليها حتى يكون القارئ على بينة من أمره فأقول:

اشبهة الأوى: (اختلاف العلماء دليل على عدم ثيوت النص المعين للعدد).

من المعلوم أن العلماء اختلفوا في عدد ركعات التراويح على أقوال كثيرة كما سيأتي بيانها فقد يقول قائل: إن هذا الاختلاف يدل على عدم وجود نص في العدد إذ لو ثبت لم يقع الاختلاف في عددها ولو ثبت ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم لم يختلف فيه كعدد الوتر والرواتب).

الجواب: نحن نسلم بأن من الاختلافات ما يكون سببه عدم وجود النص ولكن من العجيب أن يقرر السيوطي هذا القول فإنه يفهم منه أن الاختلاف ليس له إلا سبب واحد وهو عدم ثبوت النص مع أنه من المعلوم أن هناك اختلالفات كثيرةلم يكن سببها عدم وجود النص بل كان عدم وصوه إلى الإمام الذي قال بخلافه أو أنه بلغه ولكن من طريق لا تقوم الحجة به أو بلغه صحيحا ولكن فهمه على وجه غير الوجه الذي فهمه الإمام الآخر وغير ذلك من أسباب الاختلاف التي ذكرها العلماء فالاختلاف ليس له سبب واحد. بل له - كما ترى - أسباب كثيرة ألا ترى أن هناك مسأئل كثيرة اختلفوا فيها مع أن فيها نصوصا ثابتا عنه صلى الله عليه وسلم كما هو معلوم عند العلماء بالفقه والأخبار ولنضرب على ذلك مثالا واضحا إلا وهو (رفع اليدين في الصلاة عند الركوع والرفع منه) فقد اتفق العلماء كلهم من مختلف المذاهب على مشروعيته ما عدا الحنفية مع أنه ورد فيه نحو عشرين حديثاص صحيحا وفي بعضها أن أبا حميد الساعدي رضي الله عنه وصف صلاة النبي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير