تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ} إلَى قَوْلِهِ {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} فَإِنَّ الصَّوَابَ أَنَّ هَذِهِ اللَّامَ لَامُ التَّعْدِيَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} أَيْ قَائِلُونَ لِلْكَذِبِ مُرِيدُونَ لَهُ وَسَامِعُونَ مُطِيعُونَ لِقَوْمِ آخَرِينَ غَيْرِك فَلَيْسُوا مُفْرِدِينَ لِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ اللَّامَ لَامُ كَيْ أَيْ يَسْمَعُونَ لِيَكْذِبُوا لِأَجْلِ أُولَئِكَ فَلَمْ يُصِبْ. فَإِنَّ السِّيَاقَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُرَادُ وَكَثِيرًا مَا يَضِيعُ الْحَقُّ بَيْنَ الْجُهَّالِ الْأُمِّيِّينَ وَبَيْنَ الْمُحَرِّفِينَ لِلْكَلِمِ الَّذِينَ فِيهِمْ شُعْبَةُ نِفَاقٍ كَمَا أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حَيْثُ قَالَ: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} إلَى قَوْلِهِ: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ} الْآيَةَ. وَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخْبَرَ: أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تَتَّبِعُ سَنَنَ مَنْ قَبْلَهَا حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ: وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ يُحَرِّفُ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ فَيُغَيِّرُ مَعْنَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِيمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ أَوْ أَمَرَ بِهِ. وَفِيهِمْ أُمِّيُّونَ لَا يَفْقَهُونَ مَعَانِيَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بَلْ رُبَّمَا يَظُنُّونَ أَنَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَمَانِيِّ الَّتِي هِيَ مُجَرَّدُ التِّلَاوَةِ وَمَعْرِفَةُ ظَاهِرٍ مِنْ الْقَوْلِ هُوَ غَايَةُ الدِّينِ. ثُمَّ قَدْ يُنَاظِرُونَ الْمُحَرِّفِينَ وَغَيْرَهُمْ مِنْ الْمُنَافِقِينَ أَوْ الْكُفَّارِ مَعَ عِلْمِ أُولَئِكَ بِمَا لَمْ يَعْلَمْهُ الْأُمِّيُّونَ فَإِمَّا أَنْ تَضِلَّ الطَّائِفَتَانِ وَيَصِيرَ كَلَامُ هَؤُلَاءِ فِتْنَةً عَلَى أُولَئِكَ حَيْثُ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ مَا يَقُولُهُ الْأُمِّيُّونَ هُوَ غَايَةُ عِلْمِ الدِّينِ وَيَصِيرُوا فِي طَرَفَيْ النَّقِيضِ. وَإِمَّا أَنْ يَتَّبِعَ أُولَئِكَ الْأُمِّيُّونَ أُولَئِكَ الْمُحَرِّفِينَ فِي بَعْضِ ضَلَالِهِمْ. وَهَذَا مِنْ بَعْضِ أَسْبَابِ تَغْيِيرِ الْمِلَلِ إلَّا أَنَّ هَذَا الدِّينَ مَحْفُوظٌ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وَلَا تَزَالُ فِيهِ طَائِفَةٌ قَائِمَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى الْحَقِّ فَلَمْ يَنَلْهُ مَا نَالَ غَيْرَهُ مِنْ الْأَدْيَانِ مِنْ تَحْرِيفِ كُتُبِهَا وَتَغْيِيرِ شَرَائِعِهَا مُطْلَقًا؛ لِمَا يُنْطِقُ اللَّهُ بِهِ الْقَائِمِينَ بِحُجَّةِ اللَّهِ وَبَيِّنَاتِهِ الَّذِينَ يُحْيُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ الْمَوْتَى وَيُبَصِّرُونَ بِنُورِهِ أَهْلَ الْعَمَى فَإِنَّ الْأَرْضَ لَنْ تَخْلُوَ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةِ؛ لِكَيْلَا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ وَبَيِّنَاتُهُ. وَكَانَ مُقْتَضَى تَقْدِيمِ هَذِهِ " الْمُقَدِّمَةِ " أَنِّي رَأَيْت النَّاسَ فِي شَهْرِ صَوْمِهِمْ وَفِي غَيْرِهِ أَيْضًا: مِنْهُمْ مَنْ يُصْغِي إلَى مَا يَقُولُهُ بَعْضُ جُهَّالِ أَهْلِ الْحِسَابِ: مِنْ أَنَّ الْهِلَالَ يُرَى أَوْ لَا يُرَى. وَيَبْنِي عَلَى ذَلِكَ إمَّا فِي بَاطِنِهِ وَإِمَّا فِي بَاطِنِهِ وَظَاهِرِهِ. حَتَّى بَلَغَنِي أَنَّ مِنْ الْقُضَاةِ مَنْ كَانَ يَرُدُّ شَهَادَةَ الْعَدَدِ مِنْ الْعُدُولِ لِقَوْلِ الْحَاسِبِ الْجَاهِلِ الْكَاذِبِ: إنَّهُ يُرَى أَوْ لَا يُرَى. فَيَكُونُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ. وَرُبَّمَا أَجَازَ شَهَادَةَ غَيْرِ الْمَرْضِيِّ لِقَوْلِهِ. فَيَكُونُ هَذَا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير