ـ[علي الفضلي]ــــــــ[12 - 09 - 06, 08:02 ص]ـ
الدعاء على الكافرين بالتعميم جائز، فيدعى عليهم بالهلاك فإن في هلاك الكافر صلاحا للعباد والبلاد، فإن رجي هداية بعضهم دعي لهم بالهداية، وقد جاءت السنة بهذا وبهذا:
فبوب البخاري في كتاب الدعوات من صحيحه: [باب الدعاء على المشركين] و [باب الدعاء على المشركين]، و في كتاب الاستسقاء نحوه.
ولقد استنبط الحافظ في الفتح 7/ 384 الدعاء على المشركين بالتعميم من قصة خبيب بن عدي رضي الله عنه، حيث دعا فقال: " اللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبق منهم أحدا "؛ وهي دعوة في زمن الوحي ولم تُنكر، والعبرة بعموم لفظها لا بخصوص سببها.
وفي قول الله تعالى: {{وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا، إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا}}. نصٌ على أن هذه الدعوة من شرع نوح، ولذا استجابها الله عزوجل، ولو كانت خطيئة أو تعديا لبين الله تعالى ذلك، ولم يقره على الخطأ، كما هو الحال في معاتبة الله له لما دعا لولده، وأما إخباره سبحانه لنوح بأنه لن يومن غير من آمن فليس فيه أنه لو لم يخبره سبحانه لما جاز له الدعاء فلا تلازم بين الأمر الشرعي والأمر الكوني كما سيأتي،
وقد حرر الحافظ ابن حجر في " الفتح " أن نوحا يعتذر يوم الموقف بأمرين:
الأول: أنه استنفد الدعوة التي له، إذ كل نبي له دعوة مستجابة، ولذا قال: إنه كانت لي دعوة دعوتها على قومي.
ثانيا: دعاؤه لابنه، وهذه هي الخطيئة التي أشار إليها في حديث أنس رضي الله عنه.
وقد قرر العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم أُعطي مثل دعوة نوح عليه السلام، ولكنه لم يستنفدها، بل ادخرها للأمة في الآخرة.، وفي الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: [ .... قال ملك الجبال: يا محمد: إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، قد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا].
ورحم الله تعالى ابن تيمية، فإنه لما ذكر المسألة على جهة البحث - كما في الفتاوى 8/ 336 قال: " ثم ننظر في شرعنا هل نسخه أم لا؟.اه.
ولعل فيما ذكره ابن حجر من الاستدلال بعموم دعاء خبيب ما يدلك على أن شرعنا لم ينسخ هذه الدعوة.
حجج المخالف:
*قال بعضهم: إن الدعاء على الكافرين بالهلاك طعن في الحكمة الإلهية، إذ قضى الله كونا أن يبقوا! ودل الدليل على بقائهم إلى قيام الساعة.
هذا الكلام غلط لوجوه:
الأول: أن هذا احتجاج بالقدر على الشرع، وهذا باطل، فالقدر علم الله وكتابته ومشيئته وخلقه، والشرع وظيفة العبد المكلف. وهذا الاحتجاج هو عمدة القائلين بالتقريب بين الأديان في زماننا!، فهم يقولون: " ليس من أهداف الإسلام أن يفرض نفسه على الناس فرضا حتى يكون هو الديانة العالمية الوحيدة، إذ أن كل ذلك محاولة فاشلة، ومقاومة لسنة الوجود، ومعاندة للإرادة الإلهية " هذا كلام د. وهبة الزحيلي في كتابه " آثار الحرب "، وقد أجاد الدكتور الشيخ أحمد بن عبد الرحمن القاضي في كتابه " دعوة التقريب بين الأديان: دراسة نقدية في ضوء العقيدة الإسلامية".
الثاني: لو كان الدعاء بالتعميم طعنا في الحكمة الإلهية لنزه الله تعالى أنبياءه ورسله من الوقوع فيه، فنوح عليه السلام وهو من أولي العزم كيف يطعن في الحكمة الإلهية بالدعاء على الكفار، وغيره يوفق للسلامة؟!! وما كان طعنا في الحكمة الإلهية الآن فهو طعن في الحكمة الإلهية زمن نوح، إذ لا تختلف الشرائع في ذلك.
الثالث: احتج القرافي - رحمه الله تعالى - في " الفروق " على أنه لا يجوز الدعاء " اللهم اغفر للمسلمين جميع ذنوبهم " بأن الأحاديث جاءت بدخول طائفة من المسلمين النار بذنوبهم، ففي الدعاء تكذيب لتلك الأحاديث ... "
¥