فرد ابن المشاط على القرافي هذا القول في كتابه " إدرار الشروق على أنوار الفروق " فقال: " لقد كلف هذا الإنسان نفسه شططا، و ادعى دواعي لا دليل عليها ولا حاجة إليها وهما منه وغلطا، وما المانع من أن يكلف الله تعالى خلقه أن يطلبوا منه المغفرة لذنوب كل واحد من المؤمنين مع أنه قضى بأن منهم من لا يغفر له؟!! ومن أين تَلزم المنافاة بين طلب المغفرة ووجوب نقيضها؟! هذا أمر لا أعرف له وجها إلا مجرد التحكم بمحض التوهم ... اه.
**وقال بعضهم: " إن الدعاء على الكفار بإهلاك أموالهم بالتعميم فيه معارضة لآثار أسماء الله تعالى ".
وهذا غلط لوجوه:
الأول: أن آثار أسماء الله تعالى تكون في الخلق والأمر، فالخلق هو الأمر الكوني، والأمر هو الأمر الشرعي.
فالرازق اسم من أسماء الله تعالى يتعلق أثره بالخلق فيرزق جميع خلقه، كما يتعلق أثره بالأمر كما في قوله تعالى {{ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب}}.
فالخلط بين الآثار المترتبة على الأمر الكوني والأمر الشرعي خطأ بين، وتقدم.
قال ابن القيم في " مدارج السالكين ": " وأنت إذا فرضت الحيوان بجملته معدوما، فمن يرزق الرازق سبحانه؟!
وإذا فرضت المعصية والخطيئة منتفية عن العالم، فلمن يغفر؟! وعمّن يعفو؟! وعلى من يتوب ويحلم؟!
وإذا فرضت الفاقات سُدّت، والعبيد أغنياء معافون، فأين السؤال والتضرع والابتهال، والإجابة، وشهود الفضل والمنة، والتخصيص بالإنعام والإكرام؟! اه.
الثاني: أن في ذلك لازما شنيعا وهو استجهال من هو من أولي العزم من الرسل! فموسى عليه الصلاة والسلام دعا بقطع أرزاق الكافرين، فهل أنكر بذلك آثار اسم الله تعالى الرزاق؟!!
ورسولنا صلى الله عليه وسلم دعا بذلك، فهل يُقال فيه ذلك؟!! سبحانك هذا بهتان عظيم.
الثالث: مما يبطل هذا القول أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام دعا ربه: {{وارزق أهله من الثمرات من آمن بالله واليوم الآخر}} فهذا هو الدعاء المشروع، إذْ لا يشرع أن يقول مؤمن بالله واليوم الآخر ابتداء: اللهم ارزق المؤمنين والكافرين!.
وعليه فنحن اليوم ندعو على اليهود والنصارى فنقول " اللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبق منهم أحدا، اللهم اشدد وطأتك عليهم، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف"، وهذا الدعاء هو المناسب لأحوال الأمة الإسلامية مع هؤلاء الأرجاس وما يكيدونه للمسلمين والإسلام.
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.