5. اعتقادهم أن الحجر نافع بذاته، ولذلك تجدهم إذا استلموه مسحوا بأيديهم على بقية أجسامهم أو مسحوا بها على أطفالهم الذين معهم، وكل هذا جهل وضلال، فالنفع والضرر من الله وحده، وقد سبق قول أمير المؤمنين عمر: (إني لأعلم انك لا تضر ولا تنفع، ولولا أنى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك).
6. استلامهم ـ أعني بعض الحجاج ـ لجميع أركان الكعبة وربما استلموا جميع جدران الكعبة وتمسحوا بها، وهذا جهل وضلال، فإن الاستلام عبادة وتعظيم لله عز وجل فيجب الوقوف فيها على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يستلم النبي صلى اللهعليه وسلم من البيت سوي الركنين اليمانيين (الحجر الأسود وهو في الركن اليماني الشرقي من الكعبة، والركن اليماني الغربي)، وفي مسند الإمام أحمد عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه طاف مع معاوية رضي الله عنه فجعل معاوية يستلم الأركان كلها فقال ابن عباس: لم تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما؟ فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجورا. فقال ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة. فقال معاوية: صدقت.
الطواف والأخطاء القولية
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر الله تعالى كلما أتى على الحجر الأسود. وكان يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (البقرة: من الآية201).وقال: (إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) ([2] [2] [1]).
والخطأ الذي يرتكبه بعض الطائفين في هذا تخصيص كل شوط بدعاء معين لا يدعو فيه بغيره، حتى أنه إذا أتم الشوط قبل إتمام الدعاء قطعه ولو لم يبق عليه إلا كلمة واحدة؛ ليأتي بالدعاء الجديد للشوط الذي يليه، وإذا أتم الدعاء قبل تمام الشوط سكت.
ولم يرد عن النبي صلى اللهعليه وسلم في الطواف دعاء مخصص لكل شوط. قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: وليس فيه ـ يعني الطواف ـ ذكر محدود عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا اصل له.
وعلى هذا فيدعو الطائف بما احب من خيري الدنيا والآخرة، ويذكر الله تعالى بأي ذكر مشروع من تسبيح أو تحميد أو تهليل
أو تكبير أو قراءة قرآن.
ومن الخطأ الذي يرتكبه بعض الطائفين أن يأخذ من هذه الأدعية المكتوبة فيدعو بها وهو لا يعرف معناها، وربما يكون فيها أخطاء من الطابع أو الناسخ تقلب المعني رأسا على عقب، وتجعل الدعاء للطائف دعاء عليه، فيدعو على نفسه من حيث لا يشعر. وقد سمعنا من هذا العجب العجاب. ولو دعا الطائف ربه بما يريده ويعرفه فيقصد معناه لكان خيراً له وأنفع، ولرسول الله صلى اللهعليه وسلم أكثر تأسياً وأتباعاً.
ومن الخطا الذي يرتكبه بعض الطائفين أن يجتمع جماعة على قائد يطوف بهم ويلقنهم الدعاء بصوت مرتفع، فيتبعه الجماعة بصوت واحد فتعلوا الأصوات وتحصل الفوضى، ويتشوش بقية الطائفين فلا يدرون ما يقولون؛ وفي هذا إذهاب للخشوع وإيذاء لعباد الله تعالى في هذا المكان الآمن، وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال النبي صلى اللهعليه وسلم: (كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن) رواه مالك في الموطأ.
ويا حبذا لو أن هذا القائد إذا اقبل بهم على الكعبة وقف بهم وقال افعلوا كذا، قولوا كذا، ادعوا بما تحبون، وصار يمشي معهم في المطاف حتى لا يخطئ منهم أحد فطافوا بخشوع وطمأنينة يدعون ربهم خوفاً وطمعاً بما يحبونه وبما يعرفون معناه ويقصدونه، وسلم الناس من أذاهم.
الركعتان بعد الطواف والخطأ فيهما
ثبت عن النبي صلى اللهعليه وسلم انه لما فرغ من الطواف تقدم على مقام إبراهيم فقرأ: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً) (البقرة: من الآية125). فصلي ركعتين والمقام بينه وبين الكعبة، وقرأ في الركعة الأولى الفاتحة و (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) (الكافرون:1) وفي الثانية الفاتحة و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (الإخلاص:1).
¥