والخطأ الذي يفعله بعض الناس هنا ظنهم أنه لا بد أن تكون صلاة الركعتين قريباً من المقام، فيزدحمون على ذلك ويؤذون الطائفين في أيام الموسم، ويعوقون سير طوافهم، وهذا الظن خطأ فالركعتان بعد الطواف تجزئان في أي مكان من المسجد، ويمكن أن يجعل المقام بينه وبين الكعبة وإن كان بعيداً عنه فيصلي في الصحن أو في رواق المسجد، ويسلم من الأذية، فلا يؤذِي ولا يؤذ َي، وتحصل له الصلاة بخشوع وطمأنينة.
ويا حبذا لو أن القائمين على المسجد الحرام منعوا من يؤذون الطائفين بالصلاة خلف المقام قريباً منه، وبينوا لهم أن هذا ليس بشرط للركعتين بعد الطواف.
ومن الخطأ أن بعض الذين يصلون خلف المقام يصلون عدة ركعات كثيرة بدون سبب مع حاجة الناس الذين فرغوا من الطواف إلى مكانهم.
ومن الخطأ أن بعض الطائفين إذا فرغ من الركعتين وقف بهم قائدهم يدعو بهم بصوت مرتفع، فيشوشون على المصلين خلف المقام فيعتدون عليهم، وقد قال الله تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (لأعراف:55).
صعود الصفا والمروة والدعاء فوقهما والسعي بين العلمين والخطأ في ذلك
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه حين دنا من الصفا قرأ: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) (البقرة: من الآية158) ثم رقي عليه حتى رأي الكعبة فاستقبل القبلة ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو، فوحد الله وكبره وقال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)،ثم دعا بين ذلك فقال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل ماشياً فلما انصبت قدماه في بطن الوادي وهو ما بين العلمين الأخضرين سعي حتى إذا تجاوزهما مشي حتى إذا أتى المروة، ففعل على المروة ما فعل على الصفا.
والخطا الذي يفعله بعض الساعين هنا إذا صعدوا الصفا والمروة استقبلوا الكعبة فكبروا ثلاث تكبيرات يرفعون أيديهم ويومئون بها كما يفعلون في الصلاة ثم ينزلون، وهذا خلاف ما جاء به النبي صلى اللهعليه وسلم، فإما أن يفعلوا السنة كما جاءت إن تيسر لهم، وإما أن يدعوا ذلك ولا يحدثوا فعلاً لم يفعله النبي صلى اللهعليه وسلم.
ومن الخطا الذي يفعله بعض الساعين أنهم يسعون من الصفا إلى المروة، أعني أنهم يشتدون في المشي ما بين الصفا والمروة كله، وهذا خلاف السنة، فإن السعي ما بين العلمين فقط والمشي في بقية المسعى، واكثر ما يقع ذلك إما جهلاً من فاعله أو محبةً كثير من الناس للعجلة والتخلص من السعي والله المستعان.
الوقوف بعرفة والخطأ فيه
ثبت عن النبي صلى اللهعليه وسلم أنه مكث يوم عرفة بنمرة حتى زالت الشمس، ثم ركب ثم نزل فصلي الظهر والعصر ركعتين جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين، ثم ركب حتى أتى موقفه فوقف وقال: (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف) ([3] [3] [2]). فلم يزل واقفاً مستقبل القبلة رافعاً يديه يذكر الله ويدعوه حتى غربت الشمس وغاب قرصها فدفع إلى مزدلفة.
والأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج:
1. انهم ينزلون خارج حدود عرفة ويبقون في منازلهم حتى تغرب الشمس ثم ينصرفون منها إلى مزدلفة من غير أن يقفوا بعرفة، وهذا خطأ عظيم يفوت به الحج، فإن الوقوف بعرفة ركن لا يصح الحج إلا به، فمن لم يقف بعرفة وقت الوقوف فلا حج له لقول النبي صلى اللهعليهوسلم: (الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك) ([4] [4] [3]). وسبب هذا الخطا الفادح أن الناس يغتر بعضهم ببعض؛ لأن بعضهم ينزل قبل أن يصلها ولا يتفقد علاماتها؛ فيفوت على نفسه الحج ويغر غيره، ويا حبذا لو أن القائمين على الحج أعلنوا للناس بوسيلة تبلغ جميعهم وبلغات متعددة، وعهدوا على المطوفين بتحذير الحجاج من ذلك ليكون الناس على بصيرة من أمرهم ويؤدوا حجهم على الوجه الأكمل الذي تبرا به الذمة.
2. انهم ينصرفون من عرفة قبل غروب الشمس، وهذا حرام لأنه خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم حيث وقف إلى أن غربت الشمس وغاب قرصها، ولأن الانصراف من عرفة قبل الغروب عمل أهل الجاهلية.
¥