[السرايا والغزوات]
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 09 - 06, 10:21 م]ـ
[السرايا والغزوات]
تقدم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين كانوا آخذين بالحيطة والحذر من بداية أمرهم، وذلك بالحراسة والبيات مع السلاح، فلما نزلا الإذن بالقتال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتب البعوث والدوريات العسكرية، ويؤمر عليها أحداً من أصحابه، وهي المسماة بالسرية، وربما خرج فيها بنفسه وهي المسماة بالغزوة، وكان المقصود منها:
1 – استكشاف حركات العدو، وتأمين أطراف المدينة، حتى لا يؤخذ المسلمون على غرة.
2 – الضغط على قريش بالتعرض لقوافلهم حتى يشعروا بالخطر على تجارتهم وأموالهم وأنفسهم، فإما أن يفيقوا عن غيهم، ويسالموا المسلمين ويتركوهم على حريتهم في نشر الإسلام والعمل به، وهذا غاية ما كان يتمناه المسلمون أو يختاروا طريق الحرب والقتال فيخسروا أولاً طريق تجارتهم، لأنها كانت تمر بأطراف المدينة، ويلقوا ثانياً جزاء شرهم وعدوانهم بإذن الله ونصره لعباده المؤمنين، وهذا الذي وقعت الإشارة إليه في كلام الله سبحانه وتعالى مراراً.
3 – عقد مواثيق التحالف، أو عدم الإعتداء مع قبائل أخرى.
4 – إبلاغ رسالة الله، ونشر دعوة الإسلام قولاً وعملاً.
وأول سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية تسمى بسيف البحر بعثها في رمضان في السنة الأولى من الهجرة، وأمر عليها عمه حمزة بن عبد المطلب، وكان قوامها ثلاثين رجلاً من المهاجرين، وقد واصلوا سيرهم حتى بلغوا سيف البحر – أي ساحل البحر الحمر – من ناحية العيص، واعترضوا عيراً لقريش قادمة من الشام، عليها أبو جهل، في ثلاثمائة رجل، فاصطف الفريقان، وكاد يقع القتال، لكن توسط مجدي بن عمرو الجهني، فانصرف الفريقان.
كانت هذه السرية أول عمل عسكري في تاريخ الإسلام، وكان لواؤها أبيض، وهو أول لواء عقد في تاريخ الإسلام، وحمل اللواء أبو مرثد كناز بن حصين الغنوي.
ثم تتابعت البعوث والسرايا فأرسل في شوال عبيدة بن الحارث في ستين رجلاً من المهاجرين إلى بطن رابغ فلقي أبو سفيان وهو في مائتي رجل، فوقع الترامي دون القتال.
ثم أرسل في ذي القعدة سعد بن أبي وقاص في عشرين رجلاً من المهاجرين إلى الخرار قريباً من رابغ فلم يلق كيداً.
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه إلى الأبواء أو ودان في صفر سنة 2 ه في سبعين رجلاً من المهاجرين، فلم يلق أحداً وعقد ميثاق الأمان والتناصر مع عمرو بن مخشي الضمري، وكانت أول غزوة خرج لها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم خرج إلى بواط من ناحية رضوى، في ربيع الأول سنة 2 ه في مائتي من المهاجرين، فلم يلق أحداً.
وفي نفس الشهر أغار كرز بن جابر الفهري على مراعي المدينة وساق بعض المواشي، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه إلى سفوان من ناحية بدر، في سبعين رجلاً من المهاجرين، ولكن كرزاً أفلت ونجح في الفرار، وهذه الغزوة تسمة بغزوة بدر الأولى.
ثم خرج في جمادي الأولى أو الآخرة سنة 2 ه إلى ذي العشيرة في مائة وخمسين، أو في مائتين من المهاجرين، يعترض عيراً لقريش ذاهبة إلى الشام، ولكنها فاتته قبل أيام، وعقد ميثاق عدم العدوان مع بني مدلج.
ثم بعث في شهر رجب سنة 2 ه عبد الله بن جحش الأسدي إلى نخلة، بين مكة والطائف، في اثني عشر رجلاً من المهاجرين، ليأتوا بخبر عير قريش، لكنهم هجموا عليها فقتلوا رجلاً، وأسروا اثنين، وساقوا العير، وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولم يرض به، فأطلق الأسيرين وأدى دية المقتول.
وكان الحادث في آخر يوم من رجب، فأثار المشركون ضجة بأن المسلمين انتهكوا حرمة الشهر الحرام. فأنزل الله: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل).
وفي شعبان سنة 2 ه حول الله القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة وكان ذلك مما يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتظره، وقد انكشف بذلك بعض المخادعين من المنافقين واليهود الذين دخلوا في الإسلام زوراً فارتدوا وتطهرت صفوف المسلمين منهم.
تلك هي التحركات العسكرية التي قام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون لحفظ أمن المدينة وأطرافها، ولإشعار قريش بسوء عاقبتها إن لم تكف عن شرها، ولكنها ازدادت في العلو والإستكبار، فلاقت جزاء أمرها في بدر، وكان عاقبة أمرها خسراً.
ـ[الحميداني المطيري]ــــــــ[14 - 09 - 06, 10:58 م]ـ
الله يجزيك خير ويجعل هذا في ميزان حسناتك